وقرئ أيضًا: (سُطِّحَتْ) بالتشديد (١)، قال أبو الفتح: إنما جاز هنا التضعيف للتكرير مِنْ قِبَلِ أن الأرض بسيطة وفسيحة، فالعمل فيها متردد متكرر على قدر سعتها، فهو كقولك: قطّعتُ الشَّاةَ، لأنها أعضاء ويخص كل عضو منها عمل، انتهى كلامه (٢).
وقوله: ﴿إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ﴾ الجمهور على كسر الهمزة وتشديد اللام على أنها (إلا) التي للاستثناء، وفيه وجهان:
أحدهما: منقطع، وعليه الأكثر، والمعنى: لست بمتولٍ عليهم، لكن من تولى منهم وكفر، فإن لله الولاية والقهر، فهو يفعل به ما يريد.
والثاني: متصل، أي: لست عليهم بمتولٍ (٣) إلا من تولى منهم عن الإيمان وقام على الكفر، فإنك مُسَلَّطٌ عليه بما يؤذن لك من قتله وأسره.
وقال الفراء: الاستثناء من قوله: ﴿فَذَكِّرْ﴾، أي: فذكر إلا من انقطع طمعك من إيمانه، فإنه لا ينفعه التذكير، فكأنك لم تذكره، وما بينهما اعتراض (٤).
وقيل: إلا من تولى وكفر، فلست له بمذكِّر، لأنه لا يقبل منك، فكأنك لست تذكره (٥).
و﴿مَنْ﴾ موصولة منصوبة المحل، منقطعًا كان الاستثناء أو متصلًا، لا بد من هذا التقدير.

(١) قرأها هارون الرشيد، والحسن، وأبو حيوة. انظر مصادر القراءة السابقة عدا زاد المسير.
(٢) المحتسب ٢/ ٣٥٦ - ٣٥٧.
(٣) في (أ) و (ج): بمستولٍ. في الموضوعين.
(٤) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٥٨ - ٢٥٩.
(٥) انظر إعراب النحاس ٣/ ٦٩٠ - ٦٩١.


الصفحة التالية
Icon