وقوله: ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ عطف على المقسم به. و (ما) يجوز أن تكون موصولة بمعنى (مَنْ) وعائدها محذوف، أي: أقسم بهذا البلد وبوالد ومَن ولدهم، أي: بآدم عليه السلام - وذريته على ما فسر (١). وأن تكون مصدرية، أي: بِآدمَ وَوِلَادٍ. وأن تكون نافية على معنى: ووالد، وهو الذي يلد، ﴿وَمَا وَلَدَ﴾ يعني العاقر، وهو الذي لم يلد من الرجال والنساء، عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره (٢)، وفي الكلام على هذا حذف، والتقدير، ووالد ومن ما ولد، وهذا على مذهب أهل الكوفة.
وقوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ في موضع الحال من الإنسان، أي: مكابدًا، أو منتصبًا معتدلًا على ما فسر (٣).
وقوله: ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ﴾ (أن) مخففة من الثقيلة، وهي تسد مسد مفعولي الحسبان، وكذلك قوله: ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ﴾. وأصل (يره): يَرْأَهُ، فخففت الهمزة على مذاق العربية، وحذفت لام الفعل للجزم (٤).
وقوله: ﴿لُبَدًا﴾ الجمهور على ضم اللام وفتح الباء وتخفيفها وهو بناء مبالغة كَحُطَمٍ، وهو جمع لُبْدَة، كقُرَبٍ وحُفَرٍ في قُرْبة وحُفْرة، وقرئ: (لُبُدًا) بضم اللام والباء (٥)، وهو جمع لَبُود، كرُسُلٍ في جمع رسول. و (لُبَّدا) بضم اللام وفتح الباء وتشديدها (٦)، وهو جمع لابد، كشُهّد في شاهد، ويجوز أن
(٢) أخرجه الطبري ٣٠/ ١٩٥ عنه وعن عكرمة.
(٣) أخرجه الطبري ٣٠/ ١٩٧ عن عدة.
(٤) انظر في هذا أيضًا: إعراب النحاس ٣/ ٧٠٦. ومشكل مكي ٢/ ٤٧٦.
(٥) هذه قراءة مجاهد، وابن أبي الزناد، وحميد، والحسن، وعثمان بن عفان - رضي الله عنه -. انظر إعراب النحاس ٣/ ٧٠٥. ومختصر الشواذ/ ١٧٤/. وإعراب القراءات ٢/ ٤٨٥. والمحرر الوجيز ١٦/ ٣٠٥. وزاد المسير ٩/ ١٣١. والقرطبي ٢٠/ ٦٤. والإتحاف ٢/ ٦١٠.
(٦) قراءة صحيحة لأبي جعفر وحده. انظر المبسوط / ٤٧٣/. والنشر ٢/ ٤٠١. والإتحاف ٢/ ٦١٠.