يحيط بهن، كما قالوا: هبت شمالًا، وأرادوا الرِّيح، وأصبحت باردة، وأرادوا الغداة. والذي شقهن خمسًا من واحدة، وأرادوا الأصابع.
وقوله: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾ قيل: الضمير للشمس، أي: يغشى الشَّمس بظلمته عند غروبها. وقيل: للآفاق. وقيل: للأرض (١). يقال: غشي الشيءُ الشيءَ، إذا علاه فغطاه.
وقوله: ﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴾ (ما) يجوز أن تكون مصدرية، أي: وبنائها، وأن تكون بمعنى (مَن)؛ أي: ومن بناها، وهو الله عز وعلا.
قيل: وإنما جيء بـ (ما) دون (مَن) لإرادة معنى الوصفية، والتقدير: والسماء والقادر العظيم الذي بناها (٢).
وقال بعضهم: (ما) بمعنى الذي، ومعنى هذا أن (ما) أشبهت الذي في الإبهام وفي كونها موصولة، (والذي) يصلح لذي العلم ولغيره فكذلك (ما)، وهذا المراد بقولهم: إن (ما) هنا بمعنى (الذي) فاعرفه (٣).
وكذلك (ما) في قوله: ﴿وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (٦) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾ يجوز فيهما ما جاز في الأولى من الأوجه، فاعرفه.
واختلف في جواب القسم، فقيل: ﴿قَد أَفلَحَ﴾، على تقدير حذف اللام، والتقدير: لقد أفلح، وإنما حذفت لطول الكلام بين القسم وجوابه.
قال أبو إسحاق: لما طال الكلام صار طوله عوضًا عن اللام (٤).
وقال غيره: لما كان اللام للتأكيد و (قد) أيضًا يفيد التأكيد استغني بـ (قد) عن اللام (٥).
(٢) قاله الزمخشري ٤/ ٢١٥.
(٣) انظر معاني الأخفش ٢/ ٥٨٠. والمحرر الوجيز ١٦/ ٣١١. والبيان ٢/ ٥١٦.
(٤) معانيه ٥/ ٣٣١.
(٥) لم أجد هذا القول.