وقيل: هو على التقديم والتأخير بغير حذف، التقدير: قد أفلح من زكاها والشمس وضحاها (١).
وقيل: جوابه محذوف، وإنما حذف للعلم به، واختلف في تقديره، فقيل: تقديره: لَيُدَمْدِمَنّ الله على أهل مكة لتكذيبهم رسول الله - ﷺ - كما دمدم على ثمود، لأنهم كذبوا صالحًا - عليه السلام - (٢). وقيل تقديره: لتبعثن، أو لتحاسبن (٣).
وقوله: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا﴾ عطف ﴿سَوَّاهَا﴾، وهذا يدل على أن (ما) بمعنى (مَنْ) لأجل تشاكل النظم؛ أي: ومن سَوَّى هذه النفس فألهمها فجورها وتقواها، أي: أعلمها الخير والشر.
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (١٢) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (١٤) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (١٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ المنوي في ﴿زَكَّاهَا﴾ و ﴿دَسَّاهَا﴾ يجوز أن يكون لله عز وجل، وأن يكون للإنسان صاحب النفس، وقد فُسِّر بهما (٤). والعائد إلى ﴿مَنْ﴾ إن جعلت المنوي فيهما لله تعالى: الضمير المنصوب حملًا على المعنى، كأنه قيل: أفلحت نفس أو فرقة زكاها، وقد خابت من دساها الله، أي: أخملها وغمسها في المعاصي.
(٢) هذا قول الزمخشري ٤/ ٢١٦ مقتصرًا عليه.
(٣) انظر هذا القول في القرطبي ٢٠/ ٧٦. والدر المصون ١١/ ٢١.
(٤) انظر جامع البيان ٣٠/ ٢١١ - ٢١٢. والنكت والعيون ٦/ ٢٨٤.