و ﴿دَسَّاهَا﴾ أصله: دسسها، فقلبت السين الأخيرة ياء كما قلبوا في قصيت أظفاري، وتظنيت، والأصل: قَصصت، وتظننت، وقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فبقي دساها كما ترى، ودس الشيء: أخفاه.
وقوله: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا﴾ أي: كذبت ثمود نبيها صالحًا - عليه السلام - بسبب طغيانها ومجاوزتها الحد في الكفر. والطغوى مصدر من الطغيان، وإنما أبدلوا من الياء واوًا ليفصلوا بين الاسم والصفة، وذلك أن فَعْلى إذا كانت من ذوات الياء وهي اسم قلبت واوًا لما ذكرت آنفًا، نحو قولهم: تقوى، وهو من تقيت، والبقوى، وهو من بقيت، أي: انتظرت. وحكى أبو الحسن: طَغَى يَطْغُو، فهي على هذا يكون كالدعوى من دعوت، فلا قلب على هذا.
والجمهور على فتح الطاء، وقرئ: (بِطُغْوَاهَا) بضمها (١)، وهو مصدر على فُعْلى، كالرُّجْعَى والحُسْنَى وشبههما من المصادر التي أتت على فُعْلَى نحو: البؤسى والنعمى.
﴿إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا﴾: (إذ) معمول لـ ﴿كَذَّبَتْ﴾، أي: كذبوا نبيهم حين انبعث، أو لي (طغوى)، أي: طغت حين انبعث أشقاها للعقر، ومعنى ﴿انْبَعَثَ﴾: قام ونهض، يقال: بعثه لهذا الأمر فانبعث له، أي: قام وانتدب، و ﴿أَشْقَاهَا﴾ أي: أشقى ثمود، أي: أكثرهم شقاء، وهو قدار بن سالف، ومصاع بن دهر (٢)، وكانا عقرا الناقة.

(١) هذه قراءة الحسن، والجحدري، وحماد بن سلمة. انظر مختصر الشواذ / ١٧٤/. والمحتسب ٢/ ٣٦٣. والكشاف ٤/ ٢١٦. والمحرر الوجيز ١٦/ ٣١٢. والقرطبي ٢٠/ ٧٨.
(٢) كذا هما اثنان أيضًا في معاني الفراء ٣/ ٢٦٨. وقد شنع النحاس ٣/ ٧١٣ عليه. وهو خلاف ما عليه كتب التفسير أيضًا. فلم يذكر الطبري ٣٠/ ٢١٤. والبغوي ٤/ ٤٩٣. والزمخشري ٤/ ٢١٦. وابن عطية ١٦/ ٣١٢. إلا الأول منهما. ويؤيده ما جاء في الصحيح =


الصفحة التالية
Icon