قال الزمخشري: ولم يقل أشقياها لرويّ الآية، ويجوز أن يكونوا جماعة، والتوحيد لتسويتك في أفعل التفضيل إذا أضفته بين الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، وكان يجوز أَشْقَوها، كما تقول: أفاضلهم، والضمير في ﴿لَهُمْ﴾ يجوز أن يكون للأشقيين، والتفضيل في الشقاوة، لأن من تولى العقر وباشره كانت شقاوته أظهر وأبلغ، انتهى كلامه (١).
وقوله: ﴿نَاقَةَ اللَّهِ﴾ نصب على معنى: احذروا ناقة الله أن تمسوها بسوء. ﴿وَسُقْيَاهَا﴾ عطف عليها، أي: واحذروا سقياها، يعني: شربها، وهو نصيبها من الماء.
وقوله: ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ﴾ أي: بسبب ذنبهم، و (دمدم) بمعنى دَمَّرَ، أي: أهلك، والدمدمة: إهلاك باستئصال، عن بعض أهل اللغة (٢)، وهي من تكرير قولهم: ناقة مدمومة، إذا لبسها الشحم (٣).
وقوله: ﴿فَسَوَّاهَا﴾ الضمير للدمدمة (٤)، أي: سوى الدمدمة بينهم، بمعنى عمهم بها. وقيل: لثمود (٥)، على معنى: فسواها بالأرض. وقيل: للصيحة. وقيل: للعقوبة (٦). وقيل: لأبنيتهم،

= من حديث عبد الله بن زمعة - رضي الله عنه - قال خطب رسول الله - ﷺ -، فذكر الناقة، وذكر الذي عقرها فقال: "إذ انبعث أشقاها" انبعث لها رجل عزيز، عارم، منيع في رهطه، مثل أبي زمعة.". انظر صحيح البخاري، كتاب التفسير، سورة الشَّمس وضحاها (٤٩٤٢). وصحيح مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب النار يدخلها الجبارون (٢٨٥٥). أقول: لكن هناك ما يشهد للمؤلف، وللفراء قبله، انظر التفصيل في جامع القرطبي ٧/ ٢٤١ عند تفسير الآية (٧٧) من الأعراف.
(١) الكشاف ٤/ ٢١٦.
(٢) هو المؤرج كما في معالم التنزيل ٤/ ٤٩٤. وجامع القرطبي ٢٠/ ٧٩.
(٣) انظر معاني الزجاج ٥/ ٣٣٣.
(٤) قاله الطبري ٣٠/ ٢١٤، وعلي بن سليمان كما في إعراب النحاس ٣/ ٧١٥.
(٥) هذا معنى قول الفراء ٣/ ٢٦٩: سوى الأمة.
(٦) كذا في إعراب النحاس الموضع السابق، وهو معنى قول السدي، ويحيى بن سلام: سَوَّى بينهم في الهلاك. انظر النكت والعيون ٦/ ٢٨٥. وزاد المسير ٩/ ١٤٣.


الصفحة التالية
Icon