أي: ترك الحب، وقَد استعملوا مضارعه فقالوا: يدع، لعدم الثقل.
وقوله: ﴿وَمَا قَلَى﴾ أي: وما قلاك، استغني بتعدية الفعل الأول عن تعدية الثاني، وكذا ﴿فَآوَى﴾، ﴿فَهَدَى﴾، ﴿فَأَغْنَى﴾ (١)، أي: فآواك، فهداك، فأغناك. وألف ﴿قَلَى﴾ منقلبة عن ياء، بشهادة قولهم: قليته، وإضجاع القراءة إياها (٢). وقَلَى الشيءَ يقلاه، بفتح العين في الماضي والغابر، قِلًى وقَلاءً، إذا أبغضه، وهو أحد ما جاء من فَعَل يَفْعَل بالفتح فيهما، وليس فيه حرف من حروف الحلق، وهو لغة طيء (٣)، وغيرُها يقول: قلاه يقليه، بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر.
وقوله: ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى﴾ اللام في قوله: ﴿وَلَلْآخِرَةُ﴾ لام الابتداء تفيد التأكيد، ويحسن حيث يكون الخبر كلمة التفضيل كما ها هنا وفي قولك: لزيد أفضل من عمرٍو. فازداد هنا حسنًا، لأن هذا الكلام عطف على جواب القسم، وهو ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾.
وأما اللام في قوله جل ذكره: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ﴾ ففيه وجهان:
أحدهما: لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة، والمبتدأ محذوف تقديره: ولأنت سوف يعطيك، وذلك أنها لا تخلو من أن تكون لام قسم أو لام ابتداء، فلا يجوز أن تكون لام قسم؛ لأن لام القسم لا تدخل على المضارع إلا مع نون التأكيد، فإذا لم تكن لام القسم فبقي أن تكون لام الابتداء، ولام الابتداء لا تدخل إلا على الجملة من المبتدأ والخبر، فإذًا لا بد من تقدير مبتدأ وخبر، وأن يكون أصله: ولأنت سوف يعطيك.
والثاني: لام القسم، وإنما لم يقل جل ذكره: يعطينّك، لأن النون إذا
(٢) أي قراءتها بالإمالة إلى الكسر.
(٣) كذا في الصحاح (فلا).