في موضع جر، وأن يكون مقطوعًا عنه فيكون إما في موضع نصب على إضمار أعني، أو رفع على: هو الذي، ومفعول ﴿خَلَقَ﴾ محذوف، أي: خلق المكنونات. وقيل: تقديره خلقك، ثم أبدل عنه فقال: خلق الإنسان، وهذا بدل الاشتمال، وأما على الوجه الأول فهو بدل البعض، لأن الإنسان بعض المكنونات.
وقوله: ﴿اقْرَأْ﴾ كرر الأمر بالقراءة تأكيدًا. ﴿وَرَبُّكَ﴾: مبتدأ، ﴿الْأَكْرَمُ﴾: صفته، والخبر محذوف، أي: لا يخليك من الثواب على قراءتك (١). و ﴿الَّذِي﴾ صفة، أو بدل، أو خبر بعد خبر، ويجوز أن يكون الخبر هو ﴿الَّذِي﴾، فلا حذف على هذا.
وقوله: ﴿عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ أي: علم الكاتب الكتابة بالقلم، فحُذف للعلم به، تعضده قراءة من قرأ: (عَلَّمَ الخَطَّ بالقلم) وهو ابن الزبير رضي الله عنهما (٢). والقلم ما يكتب به، وسُمِّي قلمًا، لأنه يقلم، أي يقطع، ومنه: تقليم الأظفار.
وقوله: ﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ بدل من قوله: ﴿عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ لكونه بيانًا له.
﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (٨) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (١٠) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (١٢) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (١٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ (أن) مفعول له، والضمير المنصوب في ﴿رَآهُ﴾ هو المفعول الأول لرأى، و ﴿اسْتَغْنَى﴾ هو الثاني، والرؤية هنا من رؤية القلب، ولذلك قال: رآه، ولو كانت من رؤية العين، لامتنع في فعلها الجمع بين الضميرين: المستكن والبارز، ولكان: أن رأي نفسه، وهذا إنما يكون في أفعال القلوب خاصة، يقال فيها: رأيتُني محسنًا، وظننتُني عالمًا،

(١) كذا في إعراب النحاس ٣/ ٧٣٨.
(٢) انظر قراءته في مختصر الشواذ/ ١٧٦/. والكشاف ٤/ ٢٢٤. والبحر ٨/ ٤٩٣.


الصفحة التالية
Icon