﴿تَنَزَّلُ﴾، وأن يكون متصلًا بنفس ﴿سَلَامٌ﴾ وعينه، وأن يكون متصلًا بمحذوف إذا جعلته خبرًا لسلام، أعني: ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر﴾، على ما ستراهن موضحات بعون الله وتوفيقه. فعلى الوجه الأول: ﴿هِيَ﴾ مبتدأ، و ﴿سَلَامٌ﴾ خبر مقدم وهو على بابه بمعنى التسليم، يعضده قول ابن عباس رضي الله عنهما: "هي ليلة سلام، كما لقيت الملائكة مؤمنًا أو مؤمنة في هذه الليلة سلموا عليه من ربه" (١). ولما كان السلام يكثر وقوعه في تلك الليلة سميت الليلة سلامًا، كما سُمِّي الرجل صَوْمًا وزَوْرًا إذا كان ذلك يكثر منه، ولك أن تقدر حذف مضاف، أي: ذات سلام هي، وكلاهما شائع مستعمل في كلام القوم، فـ ﴿حَتَّى﴾ على هذا من صلة ﴿تَنَزَّلُ﴾: أبو علي: فإن قلت: فإذا كان متصلًا بقوله: ﴿تَنَزَّلُ﴾ فكيف فصل بين العامل والمعمول بالجملة التي هي ﴿سَلَامٌ هِيَ﴾ فإن ذلك لا يمتنع لأمرين، أحدهما: أن هذه الجملة ليست بأجنبية، ألا تراها متصلة بالكلام ومسددة. والآخر: أن تكون في موضع الحال من الضمير في قوله: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ مسلمة، فهذا لا يكون فصلًا على هذا الوجه، انتهى كلامه. ولا يجوز أن يكون من صلة ﴿سَلَامٌ﴾ لأجل الفصل بين الصلة والموصول بالمبتدأ الذي هو ﴿هِيَ﴾، وذلك لا يجوز.
وعلى الثاني: ﴿هِيَ﴾ ابتداء أيضًا، و ﴿سَلَامٌ﴾) خبره، و ﴿حَتَّى﴾ متصل بمضمر يدل عليه ﴿سَلَامٌ﴾ تقديره: تسلم حتى، ولا يكون من صلة ﴿سَلَامٌ﴾ لما ذكرت آنفًا، ولا من صلة ﴿هِيَ﴾، لأنه لا معنى فِعْلٍ فيه.
وعلى الثالث: ﴿هِيَ﴾ مبتدأ أيضًا، وخبره ﴿سَلَامٌ﴾، و ﴿حَتَّى﴾ من صلة ﴿سَلَامٌ﴾، وسلام بمعنى سالمة، أي: هي ذات سلامة. أي: هذه