الليلة سالمة من الشر والبلايا والآفات إلى مطلع الفجر، أو بمعنى مسلَّمة، سلمها الله تعالى من الآفات إلى طلوع الفجر، لا بد من هذا التقدير ليصح تعليق ﴿حَتَّى﴾ به.
وعلى الرابع: ﴿سَلَامٌ﴾ مبتدأ، و ﴿هِيَ﴾ مرتفعة به على الفاعلية، وخبره ﴿حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾، فـ ﴿حَتَّى﴾ على هذا من صلة محذوف لكونه خبرًا للمبتدأ الذي هو سلام، وهو ثابت أو مستقر، كما تقوله: ضربٌ زيدٌ إلى طلوع الشَّمس، فاعرفه فإنه موضع.
وعن بعضهم (١): أن الكلام قد تم عند قوله: ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾، ثم ابتدأ فقيل: من كل أمر سلام، أي هي من كل أمر شيء، أي: من كل بلاء وآفة وكيد شيطان، ثم قال: ﴿حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾، أي: ذلك إلى طلوع الفجر.
وقرئ: (مِنْ كُلِّ امْرِيءٍ) بوصل الهمزة وبكسر الراء، وبهمزة مكسورة منونة بعدها (٢)، فالوقف على هذه القراءة عند الجمهور على قوله: ﴿سَلَامٌ﴾، على معنى: من كل امرئٍ من الملائكة سلام على المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، ثم تبتدئ: ﴿هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾، أي هي تمتد إلى طلوع الفجر.
أبو الفتح: التقدير على هذه القراءة من كل امرئ سالمة هي أو مسلمة هي، أي: هي سالمة منه أو مسلمة منه، انتهى كلامه (٣).
(٢) نسبت هذه القراءة لابن عباس - رضي الله عنهما -، وعكرمة، وغيرهما. انظر معاني الفراء ٣/ ٢٨٠. ومعاني الزجاج ٥/ ٣٤٧. وجامع البيان ٣٠/ ٢٦٠. وإعراب النحاس ٣/ ٧٤٤. ومختصر الشواذ/ ١٧٦/. وإعراب القراءات ٢/ ٥١٠. والمحتسب ٢/ ٣٦٨. والنكت والعيون ٦/ ٣١٤. والمحرر الوجيز ١٦/ ٣٤١.
(٣) المحتسب الموضع السابق.