وقيل: نقعًا، أي: صوتًا، والنقع: الصوت، وهو مفعول به على كلا التأويلين.
والجمهور على تخفيف ثاء (أثَرن) وهو من لفظ ث ور، وقد ذكر معناه، وقرئ: (فأثَّرن) بتشديدها (١)، بمعنى أبدين وأظهرن، لأن التأثير فيه معنى الإبداء والإظهار، كما يؤثر الإنسان النقش وغيره مما يظهره ويبديه، وقد جوز أن يكون أصله ثَوَّرْنَ، فقلب إلى وثرن، وقلب الواو همزة كما قلب في أَحَدٍ وَأَناةٍ (٢).
فإن قلت: لِمَ شْدد الثاء على هذا؟ قلت: هو عوض من حذف إحدى الواوين، وهي الأولى الساكنة.
وقوله: ﴿فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا﴾ الضمير في ﴿بِهِ﴾ يجوز أن يكون للوقت، وأن يكون للمكان، وأن يكون للنقع، أي: ملتبسات به، وأن يكون للعَدْوِ. و ﴿جَمْعًا﴾ يجوز أن يكون مفعولًا به، أي: فتوسطن جَمْعَ العَدُوِّ للحرب (٣)، يقال: وَسَطْتُ القومَ، إذا توسطتهم، وَوَسَطَهُ بمعنى توسطه: وأن يكون حالًا بمعنى: مجتمعات، أو مجتمعين، إذ المراد أربابها، يعني اجتماع الحاج بمنىً على ما فسر (٤). وقيل: الباء صلة، أي وسطنه (٥).
والجمهور على تخفيف السين، وقرئ: (فوسَّطن) بتشديدها (٦)، وهو بمعنى التخفيف غير أن التشديد فيه معنى التكثير والتكرير. وقيل: معنى
(٢) انظر الكشاف الموضع السابق.
(٣) انظر هذا الوجه في جامع البيان ٣٠/ ٢٧٧. والنكت والعيون ٦/ ٣٢٥.
(٤) يعني جمع منى، وهي المزدلفة، سميت كذلك لاجتماع الحاج بها، انظر الطبري، والماوردي الموضعين السابقين، ومعالم التنزيل ٤/ ٥١٨.
(٥) التبيان ٢/ ١٣٠٠.
(٦) قرأها علي - رضي الله عنه -، وقتادة، وابن أبي ليلى. انظر مختصر الشواذ / ١٧٨/. وإعراب القراءات السبع ٢/ ٥٢٠. والمحتسب ٢/ ٣٧٠. والمحرر الوجيز ١٦/ ٣٥٤.