التشديد: مَيَّزْنَ به جَمْعًا، أي: جعلنه شطرين، قسمين، شقين. ومعنى التخفيف: صرنَ في وسطه (١).
﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ﴾ هذا جواب القسم، و ﴿لِرَبِّهِ﴾ من صلة (كنود)، والكنود الجاحد لنعم الله تعالى، يقال: كَنَدَ النعمةَ، إذا جحدها.
وقوله: ﴿وَإِنَّهُ﴾ أي: وإن الله على كفرانه وعصيانه لشهيد، أي: لشاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما (٢). وقيل: إن الإنسان على ذلك، أي: على كنوده لشهيد، يشهد على نفسه أنه كنود، ومنه قوله: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ... ﴾ الآية (٣).
﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ (لحب) من صلة (شديد)، أي: وإن الإنسان بخيل لأجل حب المال، فحذف المضاف.
﴿أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ﴾ العامل في ﴿إِذَا﴾ لا يخلو من أن يكون ﴿يَعْلَمُ﴾، أو ﴿بُعْثِرَ﴾، أو ﴿لَخَبِيرٌ﴾، أو مدلول
(٢) كون الله تعالى شاهدًا على كفران الإنسان هو قول ابن عباس - رضي الله عنهما -، حكاه القرطبي ٢٠/ ١٦٢. وهو قول أكثر المفسرين لكن الذي قاله الماوردي ٦/ ٣٢٦ عن ابن عباس القول الثاني الآتي. ثم إني وجدت ابن الجوزي في الزاد ٩/ ٢١٠ يروي القولين عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٣) سورة النور، الآية: ٢٤.