ذلك فغفلتم عن الطاعة جهلًا منكم، فحذف جواب (لو) لكونه أبلغ من الإتيان به، والموصوف - وهو الأمر أو الحق - وأقيمت الصفة مقامه.
﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (٧) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ اللام جواب قسم محذوف، أي: والله لترون الجحيم. قيل: والقسم لتوكيد الوعيد، وأن ما أوعدوا به ما لا مدخل فيه للريب، وكرره معطوفًا بثُمَّ تغليظًا في التهديد وزيادة في التهويل (١). والرؤية هنا من رؤية العين، ورأى إذا كان من رؤية العين تعدى إلى مفعول واحد، تقول: رأيت زيدًا.
وقرئ: (لتَرون) بفتح التاء. و (لتُرون) بضمها (٢)، فمن فتح التاء بنى الفعل للفاعل، وهو ضمير الجمع، وعدّاه إلى مفعول واحد وهو الجحيم، ومن ضمها عداه بالهمزة إلى مفعولين، ثم بناه للمفعول وأقام الأول مقام الفاعل وهو الضمير، وبقي الثاني على حاله وهو ﴿الْجَحِيمَ﴾، تقول: أنت ترى الجحيم، وأنتما تريان الجحيم، وأنتم ترون الجحيم، وأصله: ترأيون، فنقلت حركة الهمزة إلى الراء، وحذفت الهمزة تخفيفًا، وهذا النقل مطرد في كلام القوم إذا كان الفعل مستقبلًا، نحو: تَرى، وأصله: ترأى، ويرى وأصله: يرأى، فبقي بعد النقل ترءيون، فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها [قلبت] ألفًا وحذفت الألف لسكونها وسكون واو الضمير بعدها، فإذا أتيت بالنون الشديدة للتأكيد، حذفت النون التي هي عَلَمُ الرفع للبناء، وحركت واو الضمير بالضم لسكونها وسكون النون الأولى، ولم تردّ لام الفعل لأن الواو في تقدير السكون، وعلى هذا قالوا: رمت المرأه، ولم يردوا لام
(٢) كلاهما من الصحيح، فقد قرأ ابن عامر، والكسائي بضم التاء، وقرأ الباقون بفتحها. انظر السبعة / ٦٩٥/. والحجة ٦/ ٤٣٤. والمبسوط / ٤٧٦/. والتذكرة ٢/ ٦٣٩.