﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ﴾ (خاشعًا أبصارهم يخرجون) (١) يجوز أن يتم الكلام عند قوله: ﴿عَنْهُمْ﴾، أي: أعرضْ عنهم فقد أديت ما عليك، ثم ابتدأ فقال جل ذكره: ﴿يَوْمَ يَدْعُ﴾، و ﴿يَوْمَ﴾ إما ظرف لقوله: (خاشعًا) أو ﴿يَخْرُجُونَ﴾، وإما منصوب بإضمار اذكر، فيكون مفعولًا به لا ظرفًا، ويجوز أن يكون ظرفًا للتولي ومعمولًا له، على معنى: فتولَّ عنهم في ذلك اليوم، ولا تشفعْ لهم كما أعرضوا عنك في الدنيا، ولم يؤمنوا بك، فلا يوقف ﴿عَنْهُمْ﴾، فاعرفه فإنه موضع.
وقوله: ﴿إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ﴾ الجمهور على ضَم النون والكاف، وضم النون وإسكان الكاف (٢)، فالضم الأصل، والإسكان مخفف منه، وهو صفة على فُعْل، وهو قليل في كلام القوم.
وقرئ: (نُكِرَ) بضم النون وكسر الكاف وفتح الراء (٣)، على أنه فعل ماض مبني للمفعول في موضع الصفة لـ ﴿شَيْءٍ﴾، كقولك: مررت برجل ضُرِب.
وقوله: (خاشعًا أبصارهم) (خاشعًا) نصب على الحال وفِعْلٌ للأبصار، وذو الحال إما الضمير في ﴿يَخْرُجُونَ﴾، أي: يخرجون خاشعًا أبصارهم، وإما محذوف وهو مفعول ﴿يَدْعُ﴾، أي: يدعوهم الداع خاشعًا أبصارهم. وإما

(١) هذا على قراءة صحيحة كما سوف أخرج.
(٢) قرأ ابن كثير وحده: (نُكْر) بإسكان الكاف، وقرأ الباقون: (نُكُر) بضمها. انظر السبعة / ٦١٧/. والحجة ٦/ ٢٤١ - ٢٤٢. والمبسوط/ ٤٢١/. والتذكرة ٢/ ٥٧٤.
(٣) قرأها أبو قلابة، والجحدري، ومجاهد، وقتادة. انظر مختصر الشواذ/ ١٤٧/. والمحتسب ٢/ ٢٩٨. والمحرر الوجيز ١٥/ ٢٩٥. والقرطبي ١٧/ ١٢٩.


الصفحة التالية
Icon