الضمير المجرور في ﴿عَنْهُمْ﴾، أي: فتول عنهم خاشعًا أبصارهم.
وقرئ: (خاشعًا) بالألف على الإفراد، و (خُشَّعًا) بضم الخاء وتشديد الشين من غير ألف (١)، على الجمع، كَشُهَّد في شاهد، فالإفراد لأنه بمنزلة الفعل المتقدم، لكونه رفع ما بعده فأُفْرِدَ كما يفرد الفعل، وذُكِّر كما يُذكر الفعل في قولك: يخشع أبصارهم، لأن الأبصار جمع، والجمع لكونه جمعًا مكسرًا، والجمع المكسر حكمه حكم الإفراد، وأيضًا فإن الجمع يدل على التأنيث فصار في دلالته على التأنيث، بمنزلة ما جاء في الأخرى خاشعة أبصارهم، ﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ﴾ (٢) وقد جوز أن يكون في (خُشَّعًا) ضمير (هم) وأبصارهم بدل منه، ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ (٣).
وقرئ: (خَاشِعَةً) (٤). على تخشع، على تأنيث الجماعة تعضده: ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ﴾ (٥)، و ﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ﴾.
ومحل ﴿يَخْرُجُونَ﴾ النصب على الحال من ﴿أَبْصَارُهُمْ﴾ إذ المراد أصحابها، لا من الضمير المجرور في ﴿أَبْصَارُهُمْ﴾ كما زعم بعضهم (٦) لعدم العامل، وكذا ﴿كَأَنَّهُمْ﴾ في موضع الحال، أي: مشبهين الجراد، وكذا ﴿مُهْطِعِينَ﴾ أي: مسرعين إلى جهة الداعي منقادين أذلاء.
{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعَا رَبَّهُ
(٢) سورة طه، الآية: ١٠٨.
(٣) سورة الأنبياء، الآية: ٣.
(٤) هذه قراءة عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب -رضي الله عنهما-. انظر معاني الفراء ٣/ ١٠٥. وجامع البيان ٢٧/ ٩٠. ومختصر الشواذ/ ١٤٧/. والمحرر الوجيز ١٥/ ٢٩٦.
(٥) سورة القلم، الآية ٤٣.
(٦) انظر مشكل مكي ٢/ ٣٣٦. والتبيان ٢/ ١١٩٣.