﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)﴾:
قوله عز وجل ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾: عطف على قوله: ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ﴾ لأنه ماضٍ في المعنى، و ﴿أَبَابِيلَ﴾ صفة لطير، وهي جماعات في تفرقة، ولا واحد لها في قول أبي عبيدة (١)، والفراء (٢)، والأخفش، قال الأخفش: يقال: جاءت إبلك أبابيل، أي: فِرَقًا، وطير أبابيل، قال: وهذا يجيء في معنى التكثير، وهو من الجمع الذي لا واحد له (٣). وقيل: واحدها إبَّالَة. وقيل: إِبِّيل. وقيل: إِبَّوْل (٤).
وعن الفراء أيضًا: الواحد إِبَالَة بتخفيف الباء (٥).
وقوله: ﴿تَرْمِيهِمْ﴾ في موضع نصب على النعت (لطير)، أو على الحال منها، لأنها قد خصصت بالصفة.
والجمهور على التاء في ترميهم النقط من فوقه، والمنوي فيه للطير، وقرئ: (يرميهم) بالياء (٦)، والمستكن فيه إما لله جل ذكره وإما للطير، لأنه اسم جمع والجمع مذكر، وإنما يؤنث على المعنى.
وقوله: ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ محل الكاف النصب على أنه مفعول ثان لقوله: ﴿جْعَلْ﴾ لأنه بمعنى صير، والمنوي فيه لله تعالى، على
(٢) معانيه ٣/ ٢٩٢.
(٣) حكاه عن الأخفش: الجوهري (أبل). والقرطبي ٢٠/ ١٩٧.
(٤) انظر هذه الأقوال في مشكل مكي ٢/ ٥٠١. والنكت والعيون ٦/ ٣٤٣ حيث حكى الأول عن أبي جعفر الرؤاسي، والثاني عن ابن كيسان، والثالث عن الكسائي.
(٥) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٩٢. وحكاه القرطبي ٢٠/ ١٩٨. والسمين ١١/ ١١٠ كلاهما عن الفراء بالتخفيف أيضًا. وذكرها الجوهري (أبل) عن بعضهم.
(٦) نسبت إلى أبي حنيفة، وابن يعمر، وعيسى، وطلحة، وأبي عبد الرحمن. انظر مختصر الشواذ / ١٨٠/. والكشاف ٤/ ٢٣٤. وزاد المسير ٩/ ٢٣٦. والقرطبي ٢٠/ ١٩٨.