و (كُفُؤًا) خبره. و ﴿لَهُ﴾ ملغى غير مستقر، وهو إما من صلة (كُفُؤًا) لما فيه من معنى الفعل، والظرف تكفيه رائحة الفعل، أي: لم يكن أحد شبيهًا له. وإما من صلة ﴿يَكُنْ﴾ لأنه فِعل. ويجوز أن يكون حالًا على أن يكون صفة إما لأحد أو لكفؤ. فلما تقدم عليه انتصب على الحال، وفيه ضمير يعود إلى ذي الحال، والعامل فيه إذا قدرته حالًا ﴿يَكُنْ﴾، أو (كُفُؤًا) لما فيه من معنى الفعل.
أبو علي: فإن قلت: إن العامل في الحال إذا كان معنًى لم يتقدم الحال عليه، فإن ﴿لَهُ﴾ لما كان على لفظ الظرف، والظرف يعمل فيه المعنى وإن تقدم عليه، كقولك: كل يوم لك ثوب (١)، كذلك يجوز في هذا الظرف ذلك من حيث كان ظرفًا، انتهى كلامه (٢).
الزمخشري: فإن قلت: الكلام العربي الفصيح أن يؤخر الظرف الذي هو لغو غير مستقر ولا يقدم، وقد نص سيبويه على ذلك في كتابه، فما باله مقدمًا في أفصح كلام وأعربه؟ قلت: هذا الكلام إنما سيق لنفي المكافأة عن ذات الباري سبحانه، وهذا المعنى مصبه ومركزه هو هذا الظرف، فكان لذلك أهم شيء وأعناه، وأحقه بالتقدم وأحراه، انتهى كلامه (٣).
قلت: قال سيبويه رحمه الله بعد أن ذكر الظرف الملغى والمستقر: والتقديم ها هنا والتأخير والإلغاء والاستقرار عربي جيد كثير، فمن ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ﴾ كُفُؤًا ﴿أَحَدٌ﴾ وأهل الجفاء يقولون: (ولم يكن كفؤًا له أحد) كأنهم أخروها حيث كانت غير مستقرة، وأنشد:

٦٤٥ - لَتَقْرُبِنَّ قَرَبًا جُلْذِيّا مَا دَامَ فيهنَّ فَصيلٌ حَيّا (٤)
(١) في الحجة كما سوف أخرج: (ذنوب).
(٢) الحجة ٦/ ٤٦٣.
(٣) الكشاف ٤/ ٢٤٢.
(٤) نسب هذا الرجز لابن ميادة يصف ناقة له يحثها على السير، والجلذي: السريع. والفصيل: ولد الناقة. وانظر هذا الشاهد في الكتاب ١/ ٥٦. ونوادر أبي زيد / ١٩٤/. =


الصفحة التالية
Icon