كالزالزال. والوسوسة: حديث النفس، وهو مصدر قولك: وَسْوَسَتْ إليه نفسُهُ وَسوسةً ووِسواسًا بكسر الواو، وقيل: هما مصدران، يعني الوَسواس والوِسواس بفتح الواو وكسرها، والوجه: هو الأول وعليه الأكثر.
قيل: والمراد به الشيطان، سمي بالمصدر مبالغة، كأنه وسوسةٌ في نفسه لأنها صنعتُه وشغلُه الذي هو عاكف عليه، ولك أن تقدر في الكلام حذف مضاف، أي: من شر ذي الوسواس، كقولك: رجل صَوْم، وزور على الوجهين. و ﴿الْخَنَّاسِ﴾ صفة له، والخناس: الكثير الاختفاء بعد الظهور، يقال: خَنَسَ يَخْنِسُ خنوسًا، إذا استتر وتأخر، وفي الحديث: "الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله تنحّى وخنس، وإذا سها وغفل وسوس إليه" (١).
وقوله: ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ﴾ يجوز أن يكون في موضع جر على النعت، وأن يكون في موضع نصب على الشتم، وأن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ.
قوله: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ﴾ قد جوز فيه أوجه: أن يكون بيانًا (للناس) الأول في قوله: ﴿بِرَبِّ النَّاسِ﴾ فيكولن قوله: و ﴿النَّاسِ﴾: عطفًا على ﴿الْجِنَّةِ﴾، والتقدير: برب الناس جِنِّيِّهم وإنسيِّهم، وجاز تبيين الناس بالجن، لأنهم يتحركون في أمورهم ومراداتهم كالناس، وأيضًا فقد سُمُّوا في موضعٍ رجالًا (٢)، وفي موضع آخر قومًا (٣)، وأن يكون بيانًا (للناس) الآخر في قوله: ﴿فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾، فيكون في موضع الحال، أي: في صدور
(٢) في قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ... ﴾ [الجن: ٦].
(٣) كما في قوله تعالى: ﴿يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ... ﴾ [الأحقاف: ٢٩ - ٣١].