وقوله: ﴿أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ (أدهى) أي: أشد وأعظم، والأدهى: الأعظم في الدهاء والداهية، والأمر الذي لا يهتدى لدوائه.
﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ﴾ (يوم) يجوز أن يكون من صلة قوله: ﴿فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ﴾ عند من جعل السُّعُرَ جَمْعَ السعير التي هي النار في الآخرة، وأن يكون من صلة مضمر بعده، أي: يقال لهم في ذلك اليوم: ﴿ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾. وقد جوز أن يكون من صلة قوله: ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ﴾. وأن يكون من صلة قوله: ﴿وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ (١).
وقوله: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ الجمهور على نصب قوله: ﴿كُلَّ شَيْءٍ﴾، ونصبه بإضمار فعل يدل عليه هذا الظاهر، والتقدير: إنا خلقنا كل شيء خلقناه بقدر، وقرئ: (إنا كلُّ شيء) بالرفع (٢)، قال أبو الفتح: الرفع هنا أقوى من النصب وإن كانت الجماعة على النصب، وذلك أنه من مواضع الابتداء، فهو كقولك: زيد ضربته، وهو مذهب صاحب الكتاب والجماعة (٣)، وذلك لأنها جملة وقعت في الأصل خبرًا عن مبتدأ في قولك: نحن كل شيء خلقناه بقدر، فهو كقولك: زيدٌ هندٌ ضربها، ثم دخلت إنّ فنصبت الاسم، وبقي الخبر على تركيبه الذي كان عليه من كونه جملة من مبتدأ وخبر، انتهى كلامه (٤).
(٢) قرأها أبو السمال. انظر مختصر الشواذ/ ١٤٨/. والمحتسب ٢/ ٣٠٠. والمحرر الوجيز ١٥/ ٣١٥.
(٣) انظر الكتاب ١/ ١٤٨. ومشكل مكي ٢/ ٣٤٠.
(٤) المحتسب ٢/ ٣٠٠.