تكن في الرفع، ولذلك عدل الجمهور إلى النصب، فاعرفه فإنه من كلام المحققين من أصحابنا (١).
فمتى نصبت ﴿كُلَّ شَيْءٍ﴾ كان ﴿خَلَقْنَاهُ﴾ تفسيرًا لناصبه المذكور المقدر، ولا يكون صفة لـ ﴿شَيْءٍ﴾، لأن الصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف، و ﴿بِقَدَرٍ﴾ من صلة ﴿خَلَقْنَاهُ﴾، ومتى رفع جاز أن يكون ﴿خَلَقْنَاهُ﴾ في موضع جر على النعت لـ ﴿شَيْءٍ﴾، ويكون الخبر ﴿بِقَدَرٍ﴾ من صلة محذوف وهو كائن أو مستقر، وأن يكون ﴿خَلَقْنَاهُ﴾ هو الخبر، أي: إنا كلُّ شيء مخلوق لنا بقدر، و ﴿بِقَدَرٍ﴾ إما خبر بعد خبر، أو حال، أي: مقدرًا.
وقيل: ﴿كُلَّ شَيْءٍ﴾ منصوب بمضمر هو جعلنا. و ﴿خَلَقْنَاهُ﴾ صفة لـ ﴿شَيْءٍ﴾، والتقدير: إنا جعلنا كل شيء مخلوق بقدر.
وقيل: ﴿كُلَّ شَيْءٍ﴾ نصب بأنه بدل من اسم ﴿إِنَّ﴾ بدل الاشتمال، والتقدير: إن كل شيء خلقناه بقدر، والوجه هو الأول وعليه الجل، فاعرفه.
﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٥١) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (٥٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فِي الزُّبُرِ﴾ قيل؛ في كتب الحفظة. وقيل: في اللوح المحفوظ (٢). والزبر: الكتب، واحدها زَبُور، وهو فعول بمعنى مفعول، أي مزبور بمعنى مكتوب.
(٢) انظر جامع البيان ٢٧/ ١١٢. ومعالم التنزيل ٤/ ٢٦٦.