وقوله: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ أي: وتجعلون شكر رزقكم التكذيب، فحذف المضاف وهو الشكر، أي: وضعتم التكذيب موضع الشكر، والمعنى: تجعلون شكر الله على ما رزقكم تكذيب رسله والكفر به. الأزهري: المعنى: وتجعلون بدل شكر رزقكم الذي رزقكم الله التكذيب بأنه من عند الله (١). وقرئ: (تَكْذِبون) بالتخفيف (٢)، على معنى: أنكم تقولون: مُطِرنا بنوء كذا، وتنسبون المطر الذي هو رزق الله إلى الأنواء لا إلى الله سبحانه وتعالى.
﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٨٧) فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ﴾ (لولا) بمعنى: هلّا، أي: فهلّا إذا بلغت النفس وهي الروح إلى الحلقوم. و ﴿تَرْجِعُونَهَا﴾ جواب (لولا) هذه، والتقدير: فلولا ترجعون روح ميتكم إلى بدنه إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين، وأغنى هذا الجواب عن جواب (لولا) الثانية، وأغنى ذلك عن جواب الأولى. وقيل (لولا) الثانية مكررة للتوكيد (٣).

(١) تهذيب اللغة (رزق). والأزهري هو: أبو منصور محمد بن أحمد صاحب كتاب تهذيب اللغة، قال عنه ابن الأنباري في نزهة الألباء: أكبر كتاب في اللغة وأحسنه. توفي سنة سبعين وثلاثمائة.
(٢) قرأها عاصم في رواية المفضل. انظر السبعة/ ٦٢٤/. والحجة ٦/ ٢٦٤. والتذكرة ٢/ ٥٨٠.
(٣) انظر التبيان ٢/ ١٢٠٦.


الصفحة التالية
Icon