وقوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ﴾ شرط دخل على شرط، والجواب متعلق بهما، والتقدير: إن كنتم صادقين غير مدينين فارجعوها. كما تقوله: إن دخلت الدار إنْ كلمتَ زيدًا أكرمتُك، أي: إن دخلت الدار وكلمت زيدًا أكرمتك.
وقوله: ﴿فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ﴾ (فروحٌ) جواب (أما)، وجواب الشرط محذوف يدل عليه جواب (أما)، والتقدير: مهما يكن من شيء فله روح إن كان من المقربين فله روح، فحذف جواب الشرط لدلالة ما تقدم عليه، كما حذف الجواب في قولك: أنت ظالم إن فعلت، لدلالة أنت ظالم عليه، هذا مذهب المبرد (١)، ومذهب أبي الحسن: أن الفاء جواب (أما) و (إنْ) (٢)، ومعنى ذلك أن الفاء جواب (أما) وقد سد مسد جواب (إنْ)، فهو راجع إلى معنى القوله السالف، وقد مضى الكلام على (أما) في أول البقرة بأشبع ما يكون (٣).
والجمهور على فتح راء قوله: ﴿فَرَوْحٌ﴾، واختلف في معناه: فقيل: الروح: الراحة، وقيل: الفرح، وقيل: طِيبُ نسيم (٤). وقرئ: (فرُوح) بضمها (٥)، أي: فبقاء وحياة، قال أبو الفتح: وهو راجع إلى معنى الرَّوْحِ، فكأنه قال: فممسكُ رُوْحٍ، وممسكها هو الرَّوْحُ، كما تقوله: هذا الهواء هو الحياة، وهذا السماحُ هو العيش، وهو الرُّوحُ، انتهى كلامه (٦).
(٢) وهو مذهب الفراء أيضًا. انظر إعراب النحاس الموضع السابق.
(٣) انظر إعرابه للآية (٦) منها.
(٤) انظر هذه الأقوال مجتمعة مخرجة في زاد المسير ٨/ ١٥٦.
(٥) قرأها يعقوب وحده من العشرة. انظر المبسوط/ ٤٢٨/. والتذكرة ٢/ ٥٨٠. وهي قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وابن عباس -رضي الله عنه-، والحسن، وقتادة، وآخرين. انظر معاني الفراء ٣/ ١٣١. وجامع البيان ٢٧/ ٢١١. وإعراب النحاس ٣/ ٣٤٥. ومختصر الشواذ/ ١٥٢/. والمحتسب ٢/ ٣١٠. والمحرر الوجيز ١٥/ ٣٥٢. وزاد المسير ٨/ ١٥٦ - ١٥٧.
(٦) المحتسب الموضع السابق، وفيه وفي (ط): السماع، بدل السماح.