وقوله: ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ (كُلًا) نصب على أنه المفعول الأول لـ ﴿وَعَدَ﴾، و ﴿الْحُسْنَى﴾ المفعول الثاني، أي: وعد الله كُلًا من المنفق قبل الفتح والمنفق بعده الحسنى، أي المثوبة الحسنى، وهي الجنة على ما فسر (١).
وقرئ: (وكلٌ) بالرفع (٢) على أنه مبتدأ، لأن المفعول إذا تقدم ضعف عمل الفعل، والجملة التي هي بعده خبره على تقدير العائد، والتقدير: وكلٌّ وعده الله الحسنى، ثم حُذف كما يحذف من الصِّلات والصفات نحو: ﴿أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾ (٣)، ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ﴾ (٤)، أي: بعثه، ولا تجزي نفس فيه، ومنه قوله الشاعر:
٥٩٠ -........................ فَثَوْبٌ نَسِيتُ وَثَوْبٌ أَجُرّ (٥)
والتقدير: ثوب نسيته وثوب أجره.
وقوله: (فيضاعفُه) قرئ: بالرفع عطفًا على ﴿يُقْرِضُ﴾، وبالنصب على جواب الاستفهام حملًا على المعنى، وقد ذكر في البقرة بأشبع من هذا (٦).
﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢)﴾:

(١) جامع البيان ٢٧/ ٢٢١ عن مجاهد، وقتادة.
(٢) لابن عامر وحده. انظرها مع قراءة الباقين في السبعة/ ٦٢٥/. والحجة ٦/ ٢٦٦. والمبسوط/ ٤٢٩/. والتذكرة ٢/ ٥٨١. وقال ابن الجزري ٢/ ٣٨٤: هو في المصاحف الشامية (كل) بدون ألف.
(٣) سورة الفرقان، الآية: ٤١.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٤٨.
(٥) لامرئ القيس، وانظره في الكتاب ١/ ٨٦. وإعراب النحاس ٣/ ٣٥٣. والمحتسب ٢/ ١٢٤. وابن الشجري ١/ ١٤٠. وشطره الأول:
فلما دَنوتُ تَسَدَّيْتُها........................
(٦) انظر إعرابه للآية (٢٤٥) منها، والقراءتان من المتواتر.


الصفحة التالية
Icon