قوله عز وجل: ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ (يوم) يجوز أن يكون ظرفًا لقوله: ﴿وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾، على معنى: أن الأجر الكريم يحصل لهم في ذلك اليوم. وأن يكون مفعولًا به على: اذكر ذلك اليوم تعظيمًا له. وقيل: هو ظرف لـ ﴿وَعَدَ﴾. وقيل: لـ ﴿يَسْعَى﴾. وقيل: لمحذوف، أي: يُؤْجَرُونَ في ذلك الوقت (١).
و﴿يَسْعَى﴾: في موضع نصب على الحال، لأن قوله: ﴿تَرَى﴾ من رؤية العين. و ﴿بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾: حال من النور، وكذا ﴿وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ أي: يسعى كائنًا من أيديهم وكائنًا بأيمانهم، ولك أن تجعل ﴿بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ ظرفًا لقوله: ﴿يَسْعَى﴾، أو حالًا من النور وتقف عليه، وتبتدئ بقوله: ﴿وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾، على معنى: وبأيمانهم كتبهم.
والجمهور على فتح همزة (أيمانهم)، وهو جمع يمين، وقرئ: (بإيمانهم) بكسر الهمزة (٢)، وهو الإيمان الذي هو التصديق، والمعنى: يسعى نورهم بين أيديهم وبسبب إيمانهم في الدنيا يقال لهم: بشراكم اليوم جنات، أي: دخول جنات، فحذف المضاف، ولا بد من هذا التقدير لأن البشرى معنى، والجنة عين، فلا تكون هي هي.
وقد أجاز أبو الفتح أن يكون (بإيمانهم) على قراءة من كسر الهمزة معطوفًا على قوله: ﴿بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾، وعَطَفَ ما ليس بظرف على الظرف، لأن معنى الظرف الحال، وهو متعلق بمحذوف، أي: كائنًا بين أيديهم، وكائنًا بإيمانهم، وليس ﴿بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ من صلة ﴿يَسْعَى﴾ عنده، لأنه يلزم من ذلك أن يعطف على الظرف وهو ﴿بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ ما ليس بظرف وهو

(١) في (ب) و (ج): ذلك اليوم.
(٢) قرأها سهل بن شعيب النهمي، وأبو حيوة، انظر مختصر الشواذ/ ١٥٢/. والمحتسب ٢/ ٣١١. والمحرر الوجيز ١٥/ ٤٠٩. والقرطبي ١٧/ ٢٤٣. وفي المصدرين الأخيرين: سهل ابن سعد الساعدي.


الصفحة التالية
Icon