(بإيمانهم)، وقد علمت أن العطف نظير التثنية، والتثنية توجب تماثل المثنى، وإذا جعلت ﴿بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ حالًا، جاز أن يعطف عليه الباء وما جرته، فاعرفه فإنه موضع (١).
وقوله: ﴿خَالِدِينَ﴾ نصب على الحال، وذو الحال محذوف يدل عليه المصدر المقدر المحذوف الذي هو (دخول)، كأنه قال: بشراكم اليوم دخول جنات تدخلون خالدين، وتكون الفائدة منوطة بالحال، أو يبشرون خالدين، يدل عليه ﴿بُشْرَاكُمُ﴾، ولا يجوز أن يكون حالًا من المصدر الذي هو (دخول) كما زعم بعضهم (٢) لعدم العامل والفائدة، ولا الكاف والميم في ﴿بُشْرَاكُمُ﴾ كما زعم بعضهم (٣)، لأجل التفرقة بين الصلة والموصول بالخبر الذي هو ﴿جَنَّاتٌ﴾، أي: دخول جنات، فاعرفه.
﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (١٣) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (١٤) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ﴾ يجوز أن يكون بدلًا من قوله: ﴿يَوْمَ تَرَى﴾ وأن يكون ظرفًا لقوله: ﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾، أو لما دل عليه هذا، أي: يفوزون في ذلك اليوم. وأن يكون مفعولًا به بإضمار اذكر.

(١) انظر المحتسب الموضع السابق.
(٢) جوزه القرطبي ١٧/ ٢٤٤.
(٣) هو مكي في المشكل ٢/ ٣٥٨.


الصفحة التالية
Icon