وقوله: ﴿انْظُرُونَا﴾ أي: انتظرونا، من نظرت بمعنى انتظرت، كقوله: ﴿غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ (١)، أي: غير منتظرين إدراكه، وقرئ: (أَنظِرونا) بفتح الهمزة (٢)، أي: أَخِّرونا، يقال: أنظرته، إذا أخرته، والمعنى: أمهلونا.
وقوله: ﴿قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ﴾ (وراءكم) تأكيد لقوله: ﴿ارْجِعُوا﴾ لأنه أيضًا في معنى ارجعوا، كأنه قيل: ارجعوا ارجعوا، ففي ﴿وَرَاءَكُمْ﴾ ضمير، وهو من الأسماء التي سميت بها الأفعال، كما تقول: وراءك زيدًا، وليس بظرف لقوله: ﴿ارْجِعُوا﴾ كما زعم بعضهم لعدم الفائدة، لأن لفظ الرجوع يغني عنه (٣)، والباء في قوله: ﴿بِسُور﴾ صلة، أي: سور (٤).
وقوله: ﴿لَهُ بَابٌ﴾ ابتداء وخبر، والجملة ضفة لقوله: ﴿بِسُورٍ﴾. ﴿بَاطِنُهُ﴾: مبتدأ، ﴿الرَّحْمَةُ﴾: مبتدأ ثان، و ﴿فِيهِ﴾ خبره، والجملة خبر عن المبتدأ الأول، والمبتدأ الأول وخبره في موضع الصفة لـ ﴿بَابٌ﴾. و ﴿يُنَادُونَهُمْ﴾ مستأنف.
وقوله: ﴿وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ الجمهور على فتح الغين، وهو الشيطان، وقرئ: (الغُرور) بضمها (٥)، وهو مصدر بمعنى الاغترار، فالفتح اسم الفاعل، والضم مصدر.

(١) سورة الأحزاب، الآية: (٥٣).
(٢) وكسر الظاء، وهي قراءة حمزة وحده من العشرة. انظر السبعة/ ٦٢٦/. والحجة ٦/ ٢٦٩. والمبسوط/ ٤٢٩/. والتذكرة ٢/ ٥٨١.
(٣) كذا أيضًا نص العكبري ٢/ ١٢٥٨. وهو قول المهدوي وغيره من المفسرين كما في المحرر الوجيز ١٥/ ٤١١. لكن أجاز الزمخشري ٤/ ٦٦. وابن عطية في الموضع السابق أن يكون معلقًا بارجعوا، قال الزمخشري: أي ارجعوا إلى الموقف إلى حيث أعطينا هذا النور فالتمسوه هناك، أو ارجعوا إلى الدنيا.
(٤) قاله الأخفش ٢/ ٥٣٥. والنحاس ٣/ ٣٥٧. ومكي ٢/ ٣٥٩. وعن المبرد أنها متعلقة بالمصدر الذي دَلَّ عليه الفعل، أي: ضرب ضربًا بسور.
(٥) قرأها سماك بن حرب، وأبو حيوة، وابن السميفع. انظر مختصر الشواذ/ ١٥٣/. والمحتسب ٢/ ٣١١. والمحرر الوجيز ١٥/ ٤١٤. والقرطبي ١٧/ ٢٤٧.


الصفحة التالية
Icon