٢ - وقيل: بل عنى بذلك المتقين الذين يؤمنون بالغيب، وهم الذين يؤمنون بما أنزل إلى محمد والرسل من قبله.
٣ - وقيل: بل المراد أهل الكتاب خاصة ممن آمن بنبيّه ثم آمن بمحمد - ﷺ -.
والراجح كما أفاد الحافظ ابن كثير أن الآية عامة في المتصفين بالصفات المتقدمة من الإيمان بالغيب، وإقام الصلاة، والإنفاق، والإيمان بالرسل، والدار الآخرة المستلزم للعمل الصالح والاستعداد لها بامتثال الطاعات واجتناب المحرمات.
ويجوز أن تكون ﴿هُمُ﴾ مبتدأ ثانيًا وخبره ﴿الْمُفْلِحُونَ﴾، أو تكون زائدة - يسميها البصريون فاصلة - و ﴿الْمُفْلِحُونَ﴾ خبر ﴿أُولَئِكَ﴾. ذكره القرطبي.
وأما جملة ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى﴾ فهي في محل رفع إن كان الذين يؤمنون بالغيب مبتدأ، وإلا فلا محل لها.
قال النسفي رحمه الله: (ومعنى الاستعلاء في ﴿عَلَى هُدًى﴾ مثل لتمكنهم من الهدى واستقرارهم عليه وتمسكهم به بحيث شبهت حالهم بحال من اعتلى الشيء وركبه).
وقال القرطبي رحمه الله: (وقال علماؤنا: إن في قوله تعالى ﴿مِنْ رَبِّهِمْ﴾ ردًّا على القدرية في قولهم: يخلقون إيمانهم وهداهم، تعالى الله عن قولهم! ولو كان كما قالوا لقال: "من أنفسهم").
وأصل الفَلْح في لغة العرب الشق والقطع. وفَلَحَ الأرض شقّها للحرث. والفلاح: الفوزُ والبقاء والنجاة. والمْلاحُ أيضًا السُّحور. وقيل إنما سُمِّي بذلك لأن به بقاءَ الصوم. وحي على الفلاح أي أقْبِل على النجاة.
وفي جامع الترمذي بسند صحيح من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاتُه، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر] (١).

(١) حديث صحيح. أخرجه الترمذي في السنن (٤١٤)، وانظر صحيح سنن الترمذي (٣٣٧).


الصفحة التالية
Icon