٦ - ٧. قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٧)﴾.
في هذه الآيات: ذِكْرُ صِفات الكافرين، ونعت سبيل الجاحدين، فإن النذارة لا تنفعهم إذ أغلقوا أسماعهم وأبصارهم وقلوبهم عن قبول الحق والإصغاء له والتواضع لأمره تعالى. فسواء عليك - يا محمد - الإنذار وعدمه. لقد قابلهم ربهم تعالى حين أغلقوا قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم مستكبرين على الوحي العظيم أن طبع على قلوبهم فأقفلها، وختم على أسماعهم فأغلقها، وجعل على أبصارهم أغطية فأعماها، فهم يكملون ما بقي من أعمارهم على تلك الهيئة حتى تنقضي آجالهم، ثم ينتظرهم بعد ذلك في الآخرة عذاب عظيم.
فقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾.
كفروا: أي غطوا الحق وستروه. قال الرازي: (و ﴿الكافر﴾ الليل المُظْلِم لأنه سَتَرَ بظُلمته كُلَّ شيء. وكل شيء غطّى شيئًا فقد كفره). قال: (والكافر: الزارع لأنه يغطي البَذْر بالتراب. والكفار الزُّراع).
وقال ابن السِّكِّيت: (ومنه سُمِّي (الكافر) لأنه يَسْتُر نِعم الله عليه). والإنذار: الإعلام مع تخويف. واختلف فيمن عُني بهذه الآية على أقوال:
١ - قيل: هم اليهود الذين كانوا بنواحي المدينة الذين جحدوا نبوة محمد - ﷺ - وكذبوه.
قال ابن عباس: (﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي بما أنزل إليك من ربك، وإن قالوا إنا قد آمنا بما قد جاءنا من قبلك). وعنه أيضًا: (أن صدر سورة البقرة إلى المئة منها، نزل في رجال سَمّاهم بأعيانهم وأنْسَابهم من أحبار يهود، من المنافقين من الأوس والخزرج).
٢ - قيل: بل هم الذين قتلوا يوم بدر من المشركين.
فعن الربيع بن أنس قال: (آيتان في قادة الأحزاب: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. قال: وهم الذين ذكرهم الله في هذه الآية: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا