ففي علم التفسير علم الدنيا والآخرة، وتقرير مناهج بناء النفس والأسرة والمجتمع والدولة، وتأصيل القواعد والأصول لدراسة مستجدات الأمور في حياة المسلمين، على منهاج التفسير المستنبط من نور الوحيين.
قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: ٤٤].
قال الإمام أحمد كما يروي عنه أبو الحارث: (لا يجوز الإفتاء إلا لرجل عالمٍ بالكتاب والسنة) - أعلام الموقعين.
أخرج الطبراني في "المعجم الكبير" بسند صحيح عن أبي ذر قال: [تركنا رسول الله - ﷺ - وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علمًا، فقال - ﷺ -: ما بقي شيءٌ يُقَرِّبُ مِنَ الجنة ويُباعد من النار إلا وقد وبُيِّنَ لكم] (١).
٨ - فوائد علمية أخرى كثيرة، لا يحصيها إلا الله تبارك وتعالى.
إنَّ هذا الكتاب الذي أقدّمهُ اليوم للأمة هو تفسير الوحي العظيم، على منهج الوحيين وفهم الصحابة والتابعين، وهو منهاج متكامل في فهم كتاب الله عز وجل، لا يقتصر على فهم الآيات وذكر معانيها، بل يتعداه إلى ربطها بما صَحَّ من أسباب نزولها، واستنباط الفقه والأحكام الشرعية المتعلقة بها، ووصلها بعلوم من صحيح السنة العطرة تتصل بآفاقها، وبقواعد السياسة الشرعية، وأصول الفقه المستنبطة منها ومن منهاج السيرة النبوية المطهرة.
وقد كنتُ بدأت في مشروع هذا التفسير أيام التخصص في الولايات المتحدة الأمريكية، نتيجة للشعور بضياع المسلمين وجماعاتهم في متاهات الرأي والهوى والحزبية، والتجرؤ على تحريف فهم الآيات والنصوص الشرعية، لتناسب مناهجهم التي وضعها لهم مشايخهم والتي هي في كثير من أحوالها تقليد لمناهج أرضية، وتنحرف في بنائها عن منهاج صحيح السيرة النبوية.
ولما كانت التفاسير الموجودة في تاريخنا وعالمنا الإسلامي تفتقر أحيانًا إلى المنهج، وأحيانًا إلى التأصيل، وأحيانًا إلى علوم الوحي الثاني "السنة الصحيحة