المطهرة"، بل يشكل بعضها -أحيانًا- صورة من الفوضى والضياع لا يخلص طالب العلم معها إلى فهم دقيق واضح لكثير من الآيات المتشابهات، أضف إلى ذلك امتلاء بعضها أو أكثرها بالإسرائيليات والأخبار الواهية والقصص المكذوبة، والأحاديث الضعيفة والموضوعة، والأقوال الكثيرة المتعارضة، وغير ذلكَ من العيوب، فقد دفعني هذا الركام من المشكلات إلى الاستعانة بالله على تفسير أصيل يبث في الأمة معاني القرآن بروح الوحيين وجمال منهاج النبوة، بعيدًا عن الرأي والفلسفة وعلم الكلام والخرافات، والقصص الواهية والإسرائيليات، وفوضى المعاني والأقوال والتناقضات، وهو في الوقت ذاته تفسير عصري يواكب فهم المستجدات، وعصر العلوم والاكتشافات.
وقد أفدت من معظم كتب التفسير في ذلكَ، فإنها تبقى الأصل والمرجع لكل الباحثين -جزى الله المفسرين عن الأمةِ خير الجزاء- كما أفدت من ميراث المحدثين والفقهاء وبحوث السنة والسياسة الشرعية والسيرة النبوية ومعاجم اللغة العربية، وقد اجتهدت وبذلت أقصى الجهد في تنقية هذا التفسير من كل حديث لا يصح عن النبي - ﷺ -، وذكرت درجة صحة كل حديث ومصادره التي يُرجع إليه فيها، فأضفته إلى من خَرَّجَهُ من الأئمة الأعلام، والثقات المشاهير من علماء الإسلام، ونسبت كل قول في التفسير إلى قائلهِ، من الصحابة أو التابعين، أو كبار العلماء والمفسرين، فإنه كما يقال: من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله. وقد سعيت إلى تفنيد الأقوال، والجمع بين بعضها إن سمحت الأحوال، وتوجيه المعنى ليخلص من تناقضات آراء الرجال.
وقد سمّيتهُ: "التفسير المأمون، على منهج التنزيل والصحيح المسنون"، ليكون موسوعة في علوم الوحيين: القرآن الكريم والسنة الصحيحة العطرة، فلا يصدر الفهم إلا منهما، ولا يتفرقان حتى يرث الله الأرض ومن عليها. وقد عملته تذكرة لنفسي، وإحياء وإنقاذًا لأمتي، وذخيرة ليوم رَمْسي (١)، وعملًا صالحًا أستأنس بهِ في حياتي وبعد موتي.
فالحمدُ لله الذي جعل صدري وعاء للوحيين، وحرّك قلمي لتصنيف علوم الملة والدين، وتبليغ الأمة ميراث سيد المرسلين، فإن أصبت فإنما هو مَنُّ الله تعالى عليَّ