وأما قوله تعالى: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾. ففيه أقوال متشابهة:
١ - قال ابن عباس: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ عن الخير. يقول: لا يسمعون الهدى ولا يُبصرونه ولا يعقلونه).
٢ - وقال ابن مسعود وغيره: ﴿بُكْمٌ﴾، هم الخرس). وقال السدي: (فهم خرس عمي).
٣ - وقال قتادة: (صم عن الحق فلا يسمعونه، عمي عن الحق فلا يبصرونه، بُكم عن الحق فلا ينطقون به).
وقوله: ﴿فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾. فيه أقوال متقاربة:
١ - قال قتادة: (أي: لا يتوبون ولا يَذَّكَّرون).
٢ - قال ابن مسعود وغيره: (فهم لا يرجعون إلى الإسلام).
٣ - قال ابن عباس: (أي: فلا يرجعون إلى الهدى ولا إلى خير، فلا يصيبون نجاةَ ما كانوا على ما هم عليه).
واستبعد ابن جرير القول الثالث بدعوى أنه محصور على وقت وأن لهم السبيل إلى الرجوع عنه، وذهب إلى أن قوله: ﴿لَا يَرْجِعُونَ﴾ من غير حصر على وقت دون وقت أو حال دون حال. قال: (وقوله: ﴿لَا يَرْجِعُونَ﴾ إخبارٌ من الله جل ثناؤه عن هؤلاء المنافقين الذين نعتهم الله باشترائهم الضلالة بالهُدى، وصممِهم عن سَماع الخير والحق، وبَكَمهم عن القيل بهما، وعَماهم عن إبصارهما - أنهم لا يرجعون إلى الإقلاع عن ضلالتهم، ولا يتوبون إلى الإنابة من نفاقهم. فآيسَ المؤمنين من أن يبصرَ هؤلاء رشدًا، أو يقولوا حقًّا، أو يسمعوا داعيًا إلى الهدى، أو أن يذّكروا فيتوبوا من ضلالتهم، كما آيس من توبة قادة كفّار أهل الكتاب والمشركين وأحبارهم، الذين وصفهم بأنه قد ختم على قلوبهم وعلى سمعهم وغشّى على أبصارهم).
قلت: وهذه الآية من الآيات التي يُفهم بها القدر وأنواع الكتابة في اللوح المحفوظ.
قال القرطبي: ﴿فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ أي إلى الحق لسابق علم الله تعالى فيهم).
وقوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ