التأويل الثاني: البَرْق سوطٌ من نور يُزجي به الملكُ السحاب. ذكره الضحاك عن ابن عباس.
التأويل الثالث: البَرْقُ ماء.
يروي ابن جرير بسنده عن أبي كثير قال: (كنت عند أبي الجَلْد إذ جاء رسول ابن عباس بكتاب إليه، فكتب إليه: كتبتَ إليّ تسألني عن البرق، فالبرق الماء).
وفي رواية: (فقال: البرق ماء). وفي رواية: (وإنه من الماء).
التأويل الرابع: البَرْق هو مَصْعُ مَلك.
قال مجاهد: (البرق، مَصْعُ مَلك). وقال ابن جريج: (البرق ملك).
وقد حاول ابن جرير رحمه الله الجمع بين هذه الأقوال بقوله: (وذلك أن تكون المخاريق التي ذكر علي رضي الله عنه أنها هي البرق، هي السياط التي هي من نور، التي يُزجي بها الملك السحاب، كما قال ابن عباس. ويكون إزجاء الملك بها السحاب، مَصْعَه إياه).
وأما الصواعق فهي جمع صاعقة، وهي نار تنزل من السماء وقت الرعد الشديد.
قال ابن زيد: (الصاعقة نار تسقط من السماء في رعد شديد).
وقال مجاهد: (إذا اشتد غضب الرعد الذي هو الملك طار النار من فيه وهي الصواعق).
وقال الخليل: (هي الواقعة الشديدة من صوت الرعد، يكون معها أحيانًا قطعة نار تحرق ما أتت عليه). وحكى عن قوم الساعقة (بالسين).
وقال القرطبي: (والصاعقة أيضًا صيحة العذاب، قال الله عز وجل: ﴿فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ﴾. ويقال: صَعِقَ الرجل صعقة وتصعاقا، أي غُشي عليه، ومنه قول تعالى: ﴿وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾).
وأما معنى الآية: فقد مثَّل الله تعالى أحوال المنافقين بما فيه الصَّيِّب من الظلمات والرعد والبرق والصواعق. فالظلمات مَثَلٌ لما يعتقدونه من الكفر، والرعد والبرق مثلٌ لما يُخَوَّفون به. وقيل: مثّل الله تعالى بالصيِّب لما فيه من الإشكال عليهم، والعمى هو الظلمات، وما فيه من الوعيد والزجر هو الرعد، وما فيه من النور والحجج الباهرة


الصفحة التالية
Icon