التي تكاد أحيانًا أن تبهرهم هو البرق. والصواعق مثَلٌ لما في القرآن من الدعاء إلى القتال في العاجل والوعيد في الآجل. وقيل: الصواعق تكاليف الشرع التي يكرهونها من الجهاد والزكاة وغيرهما. وقيل غير ذلك. فإلى ذكر خلاصة ما تأوله المفسرون.
التأويل الأول: عن ابن عباس: (﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ﴾: أي هم من ظُلمات ما هم فيه من الكفر والحذر من القتل - على الذي هم عليه من الخلاف والتخوف منكم - على مثل ما وصف، من الذي هو في ظلمة الصيب، فجعل أصابعه في أذنيه من الصواعق حَذَر الموت، يكاد البرق يخطف أبصارهم - أي لشدة ضوء الحق - كُلَّما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا، أي يعرفون الحق ويتكلمون به، فهم من قولهم به على استقامة، فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر قاموا متحيرين).
التأويل الثاني: عن ابن مسعود وناس من الصحابة: (كان المنافقون إذا حضروا مجلسَ النبي - ﷺ - جعلوا أصابعهم في آذانهم، فَرَقًا من كلام النبي - ﷺ -، أن ينزِلَ فيهم شيء أو يُذكروا بشيء فيقتلوا،.... ، وإذا أضاء لهم مشوا فيه: فإذا كثرت أموالهم، ووُلدَ لهم الغلمان، وأصابوا غنيمة أو فتحًا، مشوا فيه، وقالوا: إن دين محمد - ﷺ - دينُ صدق. فاستقاموا عليه... ، وإذا أظلم عليهم قاموا: فكانوا إذا هلكت أموالهم، ووُلد لهم الجواري، وأصابهم البلاء، قالوا: هذا من أجل دين محمد. فارتدوا كفارًا.. ). وعن قتادة: (﴿فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ﴾ يقول: أجبنُ قوم، لا يسمعون شيئًا إلا ظنوا أنهم هالكون فيه حذرًا من الموت. ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ﴾ يقول: هذا المنافق إذا كثر ماله، وكثرت ماشيته، وأصابته عافية قال: لم يُصبني منذ دخلت في ديني هذا إلا خير. ﴿وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ﴾ يقول: إذا ذهبت أموالهم، وهلكت مواشيهم وأصابهم البلاء، قاموا متحيرين).
التأويل الثالث: عن ابن عباس أيضًا: (هو مثل المنافق في ضوء ما تكلم بما معه من كتاب الله وعمل، مُراءَاةً للناس، فإذا خلا وحده عمل بغيره. فهو في ظلمة ما أقام على ذلك. وأما الظلمات فالضلالة، وأما البرقُ فالإيمان، وهم أهل الكتاب. وإذا أظلم عليهم، فهو رجل يأخذ بطرف الحق لا يستطيع أن يجاوزه).
التأويل الرابع: عن ابن عباس أيضًا: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾، وهو المطر، ضربَ مثله في القرآن يقول: ﴿فِيهِ ظُلُمَاتٌ﴾ يقول: ابتلاء، ﴿وَرَعْدٌ﴾ يقول: فيه


الصفحة التالية
Icon