الثاني: أن يكون المعنى (وأنتم تعلمون وحدانيّته بالقوة والإمكان لو تدبرتم ونظرتم).
وقد ذكره القرطبي ثم قال: (وفي هذا دليل على الأمر باستعمال حجج العقول وإبطال التقليد. وقال ابن فُورَك: يحتمل أن تتناول الآية المؤمنين، فالمعنى لا ترتدوا أيها المؤمنون وتجعلو الله أندادًا بعد علمكم الذي هو نَفْيُ الجهل بأن الله واحد).
٢٣ - ٢٤. قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤)﴾.
في هذه الآيات: يتحدى الله تعالى الكفار أن يأتوا بمثل هذا القرآن ولو بسورة مثله ولو اجتمعوا. ألا ولن يستطيعوا وأصروا على الكفر فليتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة.
لقد شرع سبحانه وتعالى في هذه الآيات في تقرير الركن الثاني من الشهادتين: "شهادة أن محمدًا رسول الله" بعد أن قرر في الآيات السابقة الركن الأول منها: "شهادة أن لا إله إلا الله" فخاطب الكفار بقوله. ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا﴾ يعني محمدًا - ﷺ - ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ﴾ من مثل ما جاءكم به فعارضوه بنحو ما جاء به واستعينوا على ذلك بكل حاذق أو صاحب علم وأحضروهم ليشاهدوا ما تأتون به.
والريب في لغة العرب: الشَّك، والاسم الرِّيبة: وهي التهمة والشك. ولما كانت العبادة أشرف الخصال والتسمي بها أشرف الخطط سمّى نبيه عبدًا. فمقام العبودية لا ينازعه مقام. ثم إن قوله تعالى: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾ فيه أكثر من تأويل:
التأويل الأول: من مثل القرآن.
قال قتادة: (يعني: من مثل هذا القرآن حقًّا وصدقًا، لا باطل فيه ولا كذب). وقال مجاهد: (مثل القرآن). فيكون المعنى: فأتوا أيها الكفار بسورة من مثل هذا القرآن من كلامكم أيها العرب، كما أتى به محمد بلغاتكم ومعاني منطقكم.


الصفحة التالية
Icon