أي اتقوا أن تَصْلَوُا النار بتكذيبكم هذا الوحي وهذا النبي عليه الصلاة والسلام. فإن قوله: ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ﴾ جواب ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا﴾. والوَقود بالفتح الحطب. والوُقود بالضم التوقد. قال النحاس: (كما أن الوَضوء الماءُ، والوُضوء المصدر).
و﴿وَقُودُهَا﴾ مبتدأ و ﴿النَّاسُ﴾ خبره. وقرأ الحسن ومجاهد: "وُقُودُهَا" بضم الواو. يقال: وقَدَتِ النار تقِدُ وُقودًا ووَقَدًا وقِدَةً. والوَقْدة: شدة الحرّ. وأما الحجارة فهي -حسب تأويل بعض المفسرين- حجارة الكبريت، وهي أشد الحجارة حرًّا إذا أحميت.
قال ابن مسعود: (هي حجارة من كبريت، خلقها الله يوم خلق السماوات والأرض في السماء الدنيا، يُعدّها للكافرين). وقال: (حجارة الكبريت، جعلها الله كما شاء). وقال: (حجارة من الكبريت خلقها الله عنده كيف شاء وكما شاء).
وقال ابن عباس: (أما الحجارة، فهي حجارةٌ في النار من كبريت أسْود، يُعذبون به مع النار).
وعن ابن جريج: (حجارة من كبريت أسودَ في النار، قال: وقال لي عمرو بن دينار: حجارة أصلب من هذه وأعظم). قلت: والله تعالى أعلم.
وقوله: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾.
قال ابن عباس: (أي لمن كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر).
والكافر في كلام العرب هو الساتر شيئًا بغطاء. والكَفْرُ التغطية. فسمّى الله الكافر كافرًا لجحوده آلاءه عنده، وتغطيته نعماءَه قِبَله.
فيكون المعنى كما قال ابن جرير: (أعدت النار للجاحدين أن الله ربُّهم المتوحِّدُ بخلقهم وخلق الذين من قبلهم، الذي جعل لهم الأرض فراشًا، والسماء بناء، وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقًا لهم - المشركينَ معه في عبادته الأنداد والآلهة، وهو المتفرد لهم بالإنشاء، والمتوحِّد بالأقوات والأرزاق) انتهى.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي - ﷺ - قال: [احتجت الجنة والنار، فقالت الجنة: يدخلني الضعفاء والمساكين، وقالت النار: يدخلني الجبارون والمتكبرون، فقال الله للنار: أنت عذابي، أنتقم بك ممن شئت، وقال للجنة: أنت رحمتي، أرحم


الصفحة التالية
Icon