وأخرج ابن ماجة في السنن بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: [ضَمَّني رسول الله - ﷺ - إليه، وقال: اللهم عَلِّمْهُ الحِكْمَةَ وَتأويلَ الكتاب] (١).
وأخرج الترمذي بسند صحيح عن ابن عباس قال: [دعا لي رسول الله - ﷺ -: أن يؤتيني الله الحكم مرتين] (٢).
فابن عباس هو أكثر الصحابة وأشهرهم تفسيرًا للقرآن الكريم، وكان لهُ مدرسة تخرج فيها مجاهد وعكرمة وغيرهما، وروى له الأئمة الستة.
وروى الأعمش عن أبي وائل: (استعمل عليٌّ ابنَ عباس على الحج فخطب يومئذٍ خطبة، لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ أعليهم سورة النور فجعل يفسرها).
وكان عبد الله بن مسعود يقول: (نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس).
وقد شهد له بالفضل - وهو شاب في عنفوان الصبا - كبار الصحابة حتى كان ينافسهم وينتزع إعجابهم مع حداثة سنَّه، وكان عمر رضي اللهُ عَنْهُ يدخله إلى مجلس الشورى مع كبار الصحابة الأجلاء يستشيرهم، وربما عرض الأمر عليهِ، وكان تقدير عمر لابن عباس مثار جدل عند بعض الصحابة. حتى قال بعضهم: "لم يدخل هذا الشاب معنا وعندنا من الأولاد من هو أكبر منه سنًّا". وله قصة رواها البخاري في صحيحه تدلُّ على غزارة علمهِ، وعلو شأنه في الغوص على دقائق أسرار القرآن، وهي مذكورة عند تفسير سورة النصر.
ومن أهم شيوخ ابن عباس الذين استقى منهم علومه بعد رسول الله - ﷺ -: (عمر بن الخطاب، وأبي بن كعب، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت).
توفي بالطائف سنة ثمان وستين. (تذكرة الحفاظ ١/ ٤٠).
٢ - سعيد بن جبير: هو الإمام الكوفي المقرئ الفقيه أحد الأعلام، ولد سنة (٤٥) هجرية، وهو من أكابر التابعين علمًا وورعًا، سمع ابن عباس وابن عمر وطائفة، وروى عنه الأعصش وأيوب. وقد اشتهر بتفسير كتاب الله عزَّ وجل، وكان طودًا شامخًا، وعلمًا لامعًا، تناقل علمه الرجال، وسرت بذكره الركبان.
قال سفيان الثوري: (خذوا التفسير عن أربعة: عن سعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، والضحّاك).
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح سنن الترمذي (٣٠٠٣) - مناقب عبد الله بن العباس رضي اللهُ عَنْهُما.