بالخير، وإنما تكون بالشر إذا كانت مقيّدة به كقوله تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾).
وفي مسند أحمد بسند صحيح عن أبي الدرداء عن النبي - ﷺ - قال: [بُشرى الدنيا الرؤيا الصالحة] (١). وفي صحيح أبي داود عن بريدة، عن النبي - ﷺ - قال: [بشِّر المشائين في الظُّلَم أبي المساجد بالنور التام يوم القيامة] (٢).
وفي سنن النسائي عن سهل بن حنيف عن النبي - ﷺ - قال: [بشِّر الناس أنه من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وجبت له الجنة] (٣).
والجنات: جمع جنة، والجنة: البستان. قال ابن جرير: (وإنما عنى جل ذكره بذكر الجنة: ما في الجنة من أشجارها وثمارها وغروسها، دون أرضها- ولذلك قال عز ذكره: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾. لأنه معلوم أنه إنما أراد جل ثناؤه الخبر عن ماءِ أنهارها أنه جارٍ تحت أشجارها وغروسها وثمارها، لا أنه جارٍ تحت أرضها. لأن الماء إذا كان جاريًا تحت الأرض، فلا حظَّ فيها لعيون مَنْ ؤوقها إلا بكشف الساتر بينها وبينه. على أن الذي توصف به أنهار الجنة، أنها جارية في غير أخاديد).
قال مسروق: (نخل الجنة نضيدٌ من أصلها إلى فرعها، وثمرها أمثال القلال، كلما نُزعت ثمرة عادت مكانها أخرى، وماؤها يجري في غير أخدود). وقد صح ذلك موقوفًا من كلام أنس وابن عباس (٤)، أنها أنهار تجري من غير أخدود. وقد جاء في الكوثر: "أن حافتيه قباب اللؤلؤ المجوف" ولا منافاة بينهما.
فقد أخرج البخاري عن أنس عن النبي - ﷺ - قال: [بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قبابُ الدر المجوف، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فإذا طينُه مِسْكٌ أذفَرُ] (٥). والأذفر الشديد الرائحة.

(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٦/ ٤٤٥)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (٣/ ٤٧)، وبنحوه رواه مسلم (٧/ ٥٢)، وانظر السلسلة الصحيحة (١٧٨٦)، وصحيح الجامع (٢٨١٩).
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح سنن أبي داود (٥٢٥) في الصلاة. باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظلم من حديث بريدة رضي الله عنه.
(٣) حديث صحيح. رواه النسائي. كما ذكره الهيثمي في "المجمع" (١/ ١٨) من رواية الطبراني في الكبير عن زيد بن خالد وقال: "ورجاله موثقون". وانظر صحيح الجامع (٢٨٢١).
(٤) راجع الترغيب (٥٤٨٢)، وكذلك (٥٤٨٤).
(٥) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٥٨١) - كتاب الرقاق. باب في الحوض.


الصفحة التالية