على المصدر، كأنه قال أُبرِّئُ الله من السوء براءةً. و"سُبُحاتُ" وجه الله تعالى بضمتين جلالتُه. و"سُبُّوح" من صفات الله تعالى).
والتقديس في لغة العرب: التطهير. والقُدسُ بسكون الدال وضمها الطُّهْر اسمٌ ومصدر. وقُدُّوس اسم من أسماء الله تعالى. والأرض المقدسة: أي المطهرة. وقد جاء في هذه الآية أكثر من تأويل:
الأول: عن قتادة: (التسبيحُ: التسبيح، والتقديس: الصلاة).
وعن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ قال: يقولون: نصلّي لك).
الثاني: عن مجاهد: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ قال: نعظمك ونكبرك).
الثالث: عن الضحاك: (التقديس: التطهير).
الرابع: عن محمد بن إسحاق: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ قال: لا نعصي ولا نأتي شيئًا تكرهه). قال القاسمي: (كأنهم قابلوا الفساد، الذي أعظمه الإشراك، بالتسبيح. وسفك الدماء، الذي هو تلويث النفس بأقبح الجرائم، بتطهير النفس عن الآثام. لا تمدّحًا بذلك، ولا إظهارًا للمنّة، بل بيانًا للواقع).
وهي أقوال متقاربة متشابهة. قال ابن جرير: (التقديس هو التعظيم والتطهير، ومنه قولهم: سُبُّوح قُدُّوس، يعني بقولهم: سُبُّوح، تنزيه له، وبقولهم: قُدُّوس، طهارة وتعظيمٌ له).
وقال الحافظ ابن كثير: (فمعنى قول الملائكة إذن: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾، ننزهك ونبرئك مما يضيفه إليك أهل الشرك بك. ﴿وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾، ننسبك إلى ما هو من صفاتك، من الطهارة من الأدناس وما أضاف إليك أهل الكفر بك).
وقال القاسمي: (وقوله ﴿وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ أي: نصفك بما يليق بك -من العلو والعزّة- وننزّهك عما لا يليق بك).
وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه: [أن رسول الله - ﷺ - سُئِل: أي الكلام أفضل؟ قال: ما اصطفى الله لملائكته: سبحان الله وبحمده] (١).
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - ﷺ -: [كلمتان

(١) حديث صحيح. انظر صحيح مسلم -حديث رقم- (٢٧٣١)، ومسند أحمد (٥/ ١٤٨).


الصفحة التالية
Icon