يا رسول الله؛ أرأيت آدم، أنبيًّا كان؟ قال: نعم، نبيًّا رسولًا كلَّمة الله قبلًا - يعني عيانًا - فقال: ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾] (١).
وشاهد آخر أخرجه أبو جعفر الرزّاز في "مجلس من الأمالي" بإسناد صحيح عن أبي أمامة: [أن رجلًا قال: يا رسول الله! أنبيًّا كان آدم؟ قال: نعم، مُكلّم. قال: كم كان بينه وبين نوح؟ قال: عشرة قرون. قال: يا رسول الله! كم كانت الرسل؟ قال: ثلاث مئة وخمسة عشر] (٢).
وقوله: ﴿وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا﴾.
الرَّغَد في كلام العرب: الواسع من العيش، الهنيء الذي لا يُعنِّي صاحبه.
وعِيشَةٌ رَغْدٌ: أي واسعة طيِّبة، وأرغد فلان: إذا أصاب سعة من العيش. وقد ورد في الآية أكثر من تأويل:
التأويل الأول: عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة: (﴿وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا﴾ قال: الرغد: الهنيء).
التأويل الثاني: عن مجاهد: (﴿وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا﴾ أي لا حساب عليهم).
التأويل الثالث: عن الضحاك، عن ابن عباس: (الرغد: سَعة المعيشة).
وهي تفاسير متقاربة متشابهة تفيد أن الله سبحانه قال لآدم اسكن أنت وزوجك الجنة، وكلا منها رزقًا واسعًا هنيئًا في عيش لا حساب فيه ولا عتاب.
وقوله ﴿رَغَدًا﴾ إما نعت لمصدر محذوف، أي أكْلًا رَكَدًا. وإما نصب على الحال.
وقوله: ﴿وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾.
الشجرة في كلام العرب كل ما قام على ساق. قال الرازي: (الشَّجَرُ والشجَرة ما كان على ساق من نبات الأرض).

(١) إسناده لا بأس به. انظر صحيح ابن حبان (٣٦١)، والبيهقي في "السنن" (٩/ ٤) وكذلك أخرج نحوه أبو نعيم (١/ ١٦٨). وذكره الحافظ ابن كثير في التفسير. انظر الحديث (٤٢١) في تفسير ابن كثير - تحقيق عبد الرزاق المهدي.
(٢) إسناده صحيح. أخرجه أبو جعفر الرزّاز في "مجلس من الأمالي" (ق ١٧٨/ ١)، وانظر صحيح ابن حبان (٢٠٨٥ - موارد)، وابن مندة في "التوحيد" (ق ١٠٤/ ٢). وانظر معجم الطبراني الكبير (٨/ ١٣٩ - ١٤٠)، والأوسط (١/ ٢٤/ ٢/ ٣٩٨)، ومستدرك الحاكم (٢/ ٢٦٢)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث رقم - (٢٦٦٨).


الصفحة التالية
Icon