وقوله: ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾.
الظلم: أصله وضع الشيء في غير موضعه. وقوله ﴿فَتَكُونَا﴾ عطف على ﴿تَقْرَبَا﴾ لذلك حذفت النون. ومعنى الآية: ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ أي ظالمين لأنفسكما.
وقوله: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾.
﴿فَأَزَلَّهُمَا﴾ من الزَّلة وهي الخطيئة، أي استزلهما وأوقعهما فيها. وهي قراءة الجمهور.
وقرأها حمزة "فأزالهما" من التنحية، أي نحّاهما.
قال ابن كَيْسان: (فأزالهما من الزوال، أي صرفهما عما كانا عليه من الطاعة إلى المعصية).
وقراءة الجمهور أقوى كما أشار ابن جرير والقرطبي وغيرهما.
قال القرطبي: (وعلى هذا تكون القراءتان بمعنى، إلا أن قراءة الجماعة أمكن في المعنى. يقال منه: أزْلَلْتُهُ فزَلّ. ودلّ على هذا قولُه تعالى: ﴿إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا﴾، وقوله: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ﴾ والوسوسة إنما هي إدخالهما في الزلل بالمعصية، وليس للشيطان قدرة على زوال أحد من مكان إلى مكان، إنما قدرته على إدخاله في الزلل، فيكون ذلك سببًا إلى زواله من مكان إلى مكان قدرته).
وقوله: ﴿فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾.
أي: من اللباس والمنزل الرحب والرزق الهنيء والراحة ورغد العيش.
وقد أضاف الله إخراجهما من الجنة إلى الشيطان لأن ذلك كان بسبب إغوائه وإن كان المخرج هو الله تعالى. قال ابن عباس: (﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ﴾: قال: أغواهما).
قال ابن مفلح: (فآدم عليه السلام لم يخرج من الجنة إلا بالتأويل، فالتأويل لنص الله أخرجه، وإلا فهو لم يقصد المعصية، والمخالفة، وأن يكون ظالمًا مستحقًا للشقاء) ذكره القاسمي.
وقال أبو محمد بن حزم في الملل والنحل: (لا براءة من المعصية أعظم من حال من ظن أن أحدًا لا يحلف حانثًا. وهكذا فعل آدم عليه السلام، فإنه أكل من الشجرة التي نهاه الله عنها ناسيًا لنص القرآن، ومتأولًا وقاصدًا إلى الخير، لأنه قدّر أنه يزداد حظوة عند الله فيكون مَلَكًا مقربًا أو خالدًا فيما هو فيه أبدًا. فأداه ذلك إلى خلاف ما أمره الله