به، وكان الواجب أن يحمل أمر ربه على ظاهره، لكن تأول وأراد الخير فلم يصبه. ولو فعل هذا عالم من علماء المسلمين لكان مأجورًا، ولكن آدم لما فعل وأخرج عن الجنة إلى الدنيا، كان بذلك ظالمًا لنفسه. وقد سمى الله تعالى قاتل الخطأ قاتلًا، كما سمى العامد. والمخطئ لم يعمد معصية. وجعل في مثل الخطأ عتق رقبة، وهو لم يعمد ذنبًا) انتهى.
وقد أجاد شيخ الإسلام في تفصيل هذا الحدث بقوله: (الصواب أن آدم عليه السلام، لما قاسمة عدو الله أنه ناصح، وأكد كلامه بأنواع من التأكيدات: أحدها القسم. والثاني: الإتيان بجملة اسمية لا فعلية. والثالث تصديرها بأداة التأكيد. الرابع: الإتيان بلام التأكيد في الخبر. الخامس الإتيان به اسم فاعل لا فعلًا دالًا على الحدث. السادس تقديم المعمول على القليل فيه. ولم يظن آدم آن أحدًا يحلف بالله كاذبًا يمين غموس، فظن صدقه، وأنه إن أكل منها لم يخرج من الجنة، ورأى أن الأكل، وإن كان فيه مفسدة، فمصلحة الخلود أرجح، ولعله يتأتى له استدراك مفسدة اليمين في أثناء ذلك باعتذار أو توبة، كما تجد هذا التأويل في نفس كل مؤمن أقدم على معصية).
وقوله: ﴿وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾.
هبط - في لغة العرب -: نزل والهُبُوطُ: الحُدُور. وفي المقصود بالهبوط أقوال:
الأول: آدم وحواء والحية والشيطان، قاله ابن عباس.
الثاني: آدم وحواء والوسوسة. قاله الحسن.
الثالث: بنو آدم وبنو إبليس. قاله مجاهد.
قلت: والراجح عندي أن الأمر بالهبوط كان لآدم وزوجته والشيطان إذ لا دليل على ذكر الحية في السياق ولا في السنة الصحيحة.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [خيرُ يوم طلعت فيه الشمس يومُ الجمعة، فيه خُلِقَ آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرجَ منها] (١).
وقوله: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾.
فقوله: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾ جملة اسمية، مبتدأ وخبر، أي موضع استقرار. والمتاعُ: ما يستمتع به من أكل ولُبْس وحياة وحديث وأنس وغير ذلك، ومنه سميت