آثار الرسول - ﷺ - وأقواله، وكان من السابقين إلى الإسلام.
أخرج الإمام أحمد وابن أبي شيبة بسند حسن عن عبد الله بن مسعود قال: [كنت غلامًا يافعًا أرعى غنمًا لعقبة بن أبي معيط بمكة، فأتى عليّ رسول الله - ﷺ - وأبو بكر وقد فرّا من المشركين، فقال: يا غلام! هل عندكَ لبن تسقينا؟ قلت: إني مؤتمن ولستُ بساقيكما. قالا: فهل عندك من جذعة لم ينزُ عليها الفحل بعد؟ قلت: نعم، فأتيتهما بها، فاعتقلها أبو بكر وأخذ رسول الله - ﷺ - الضرع فدعا، فحفل الضرع، وأتاه أبو بكر بصخرة منقعرة، فحدب ثم شرب هو وأبو بكر ثم سقياني. ثم قال للضرع: اقلُص، فقلص.
فلما كان بعد أتيت رسول الله - ﷺ -، قلت: علمني من هدا القول الطيب -يعني القرآن- فقال رسول الله - ﷺ -: إنك غلامٌ مُعَلَّم. فأخذتُ من فيه سبعين سورة ما ينازعني فيها أحدٌ] (١).
وفي سنن ابن ماجة بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود، أن أبا بكر وعمر بشراه أن رسول الله - ﷺ - قال: [مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرأَ القرآن غَضًّا كما أُنزل، فليقرأه على قراءة ابْن أُمِّ عَبْدٍ] (٢).
وكان خادم رسول الله - ﷺ - يُلبسه نعليه، ويمشي معه وكان صاحب طهوره، وكانَ أقرب الناس سَمْتًا وهَديًا ودلًّا بالنبي - ﷺ -، ولهذه الصّلة الوثيقة برسول الله - ﷺ - فقد عدّوه من أعلم الصحابة بكتاب الله، ومعرفة محكمهِ ومتشابهه، وحلاله وحرامه.
قال السيوطي: (قد روي عن ابن مسعود في التفسير أكثر مما روي عن علي كرّم اللهُ وجهه.. روى الشيخان عنه أنه قال: والذي لا إله غيرهُ ما نزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلمُ أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله تعالى إلا وأنا أعلم فيم أنزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه.. ). روى عنه كثير من التابعين.
٢ - مسروق بن الأجدع: هو مسووق بن الأجدع الهمداني، كوفي تابعي ثقة، من أصحاب ابن مسعود الذين نقلوا لنا هدي الرسول - ﷺ -.
وهو عابد فقيه يكنى (أبا عائشة) وقد اشتهر بالتفسير، ورواية الحديث. كان أبوه

(١) إسناده حسن. رواه أحمد في المسند (١/ ٣٧٩)، وابن أبي شيبة في المصنف (١١/ ٥١٠).
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة في السنن (١٣٨)، ورواه أحمد في المسند، وابن أم عبد: هو عبد الله بن مسعود، وانظر صحيح سنن ابن ماجة (١١٤).


الصفحة التالية
Icon