أفرس فارس باليمن، وكان خاله (عمر بن معد يكرب) وقد تولى القضاء، فلم يكن يأخذ على القضاء رزقًا، وكان قانعًا زاهدًا راضيًا بما قسم الله، مع أنه كان صاحب عيال. جاءتهُ امرأتهُ يومًا فقالت: يا أبا عائشة: إنَّهُ ما أصبح اليوم لعيالك رزق، فتبسَّم ثم قال: والله ليأتينّهم الله برزق، فرزقه الله رزقًا واسعًا.
رُوي عنه أنه لقي (عمر بن الخطاب) فسأله ما اسمكَ؟ قال: مسروق بن الأجدع، فقال له عمر: الأجدع شيطان، أنت مسروق بن عبد الرحمن، فكان بعد ذلكَ يقول: أنا مسروق بن عبد الرحمن.
قال علي بن المديني شيخ البخاري: (ما أقدّم على مسروق من أصحاب عبد الله بن مسعود أحدًا، صلى خلف أبي بكر، ولقي عمر وعثمان).
شهد القادسية مع إخوتهِ الثلاثة، فقتلوا يومئذٍ بالقادسية، وجرح مسروق فشلّت يده، وله طريقة لطيفة في النصح والوعظ، خرج يومًا ومعه بعض تلامذته فارتقى بهم على كناسة في الكوفة فقال: (ألا أريكم الدنيا؟ هذه هي الدنيا، أكلوها فأفنوها، لبسوها فأبلوها، ركبوها فأنضوها، سفكوا فيها دماءهم، واستحلوا فيها محارمهم، وقطعوا فيها أرحامهم) (١).
سئل يومًا عن بيت شعر فقال: (أكره أن أرى في صحيفتي شعرًا).
٣ - الحسن البصري: هو الحسن بن يسار البصري، إمامُ أهل البصرة، وحبر الأمة في زمانه، يكنى (أبا سعيد) وهو أحد العلماء، والفصحاء، والشجعان، والنُسّاك، ولد بالمدينة المنوّرة، وشبّ في كنف (علي بن أبي طالب).
واستكتبه الربيع بن زياد والي خراسان في عهد معاوية فسكن البصرة، وعظمت هيبتهُ في القلوب، فكان يدخل على الولاة فيأمرهم وينهاهم، ولا يخاف في الحق لومة لائم، رأى مئة وعشرين صحابيًا، وكان من أفصح أهل البصرة وأعبدهم وأفقههم. حدث عن عثمان والمغيرة وابن عباس، وحدث عنه قتادة وأيوب وابن عون.
قال أيوب: (ما رأت عيناي رجلًا قطّ كان أفقه من الحسن البصري، كان يعي الحكمة وينطق بها، وكان إذا وعظ أبكى الحاضرين، كأنما كان في الآخرةِ ثم جاء منها فهو يخبر عمّا رأى وعاين، ولهذا فقد اشتهر بالوعظ، وكان رقيق القلب، فصيح اللسان).