٤ - عن أبي العالية قال: (كتموا بعثَ محمد - ﷺ -، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم).
والخلاصة: لقد حذّر الله سبحانه أحبار اليهود خاصة وأهل الكتاب عامة من كتم أمر محمد - ﷺ - على الناس أو زعم أنه مبعوث إلى غيرهم، فإنهم يعلمون أنه مبعوث إلى الناس كافة ويجدون نعته وصفاته في كتبهم، ويقرؤون فيها عهد الله الذي أخذ عليهم بالإيمان به وتصديقه ونصره.
﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ جملة في محل نصب حال. قال ابن كثير: (ومعناه: وأنتم تعلمون الحق. ويجوز أن يكون المعنى: وأنتم تعلمون ما في ذلك من الضرر العظيم على الناس من إضلالهم عن الهدى المفضي بهم إلى النار، إن سلكوا ما تبدونه لهم من الباطل المشوب بنوع من الحق لترؤجوه عليهم. والبيان: الإيضاح، وعكسه الكتمان وخلط الحق بالباطل).
وقوله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾.
قال قتادة: (﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾: فريضتان واجبتان، فأدوهما إلى الله).
وذكر ابن جرير رحمه الله أنه: (ذُكر أن أحبار اليهود والمنافقين كانوا يأمرون الناس بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولا يفعلونه، فأمرهم الله بإقام الصلاة مع المسلمين المصدِّقين بمحمد وبما جاء به، وإيتاء زكاة أموالهم معهم، وأن يخضعوا لله ولرسوله كما خضعوا).
فأمرهم سبحانه وتعالى بالصلاة مع النبي - ﷺ - ودفع زكاة أموالهم إليه.
قال الحسن: ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ قال: فريضة واجبة، لا تنفع الأعمال إلا بها وبالصلاة).
وقال ابن عباس: ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ ما يوجب الزكاة؟ قال: مئتان فصاعدًا).
وروي عنه أنه قال: (يعني بالزكاة طاعة الله والإخلاص).
والزكاة مأخوذة من زكا الشيء إذا نما وزاد. قال القرطبي: (وسُمِّيَ الإخراج من المال زكاة وهو نقص منه من حيث ينمو بالبركة أو بالأجر الذي يثاب به المزكَّي. قال: وقيل: أصلها الثناء الجميل، ومنه زكَّى القاضي الشاهد. فكأن من يُخرج الزكاة يحصل لنفسه الثناء الجميل. وقيل: الزكاة مأخوذة من التطهير، كما يقال: زكا فلان، أي طهر من دَنس الجَرْحة والإغفال. فكأن الخارج من المال يطهّره من تبعة الحق الذي


الصفحة التالية
Icon