جعل الله فيه للمساكين. ألا ترى أن النبي - ﷺ - سمّى ما يخرج من الزكاة أوساخَ الناس، وقد قال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا (١٠٣)﴾ [التوبة: ١٠٣]) انتهى.
وقوله: ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾.
أي: وكونوا مع المؤمنين في أحسن أحوالهم ولا شك أن الصلاة من أخص ذلك.
والركوع في لغة العرب الانحناء. ولا يكون إلا لله. وقوله: ﴿مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ يفيد وجوب الجماعة عند كثير من العلماء، فإن "مَعَ" تقتضي المعية والجمعية، فكأنه أمرهم بقوله "مع" بشهود الجماعة.
وقد حثت السنة الصحيحة على صلاة الجماعة وبينت أجرها وحذرت من تركها دون عذر.
ونبدأ أولًا بأحاديث الترغيب:
الحديث الأول: روى مسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله - ﷺ - قال: [صلاةُ الجماعة أفضلُ من صلاة أحدِكُمْ وَحْدَهُ بِخمْسَةٍ وعِشْرين جُزءًا] (١).
الحديث الثاني: روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي - ﷺ - قال: [تَفْضُلُ صلاةٌ في الجميع على صلاة الرجل وحْدَهُ خمْسًا وعِشرين درجة. قال: وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر. قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء: ٧٨]].
الحديث الثالث: روى مسلم كذلك عن ابن عمرَ أن رسول الله - ﷺ - قال: [صلاةُ الجماعة أفضلُ من صلاة الفَذِّ بسبع وعشرين درجةً] (٢).
وأما أحاديث الترهيب من ترك حضورها لمن سمع مناديها فقد مضى ذكر بعضها، وأذكر هنا ما في صحيح مسلم عن أبي هريرة: [أن رسول الله - ﷺ - فَقَدَ ناسًا في بعض الصلوات فقال: لقد هَمَمْتُ أن آمُرَ رجُلًا يُصلي بالناس، وثم أخالفَ إلى رجال يتخلفون عنها، فآمُرَ بهم فيحرِّقُوا عليهم، بِحُزَمِ الحطب، بيوتَهم، ولو عَلِمَ أحدُهم أنه يجدُ
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح مسلم - حديث رقم - (٦٥٠) - كتاب المساجد - الباب السابق.