أتلف. قال الرازي: (الصَّبْرُ: حبس النفس عن الجَزَع). وقيل لشهر رمضان "شهر الصَّبر" لصبر صائميه عن المطاعم والمشارب نهارًا.
وأما الصلاة ففيها تلاوة كتابِ الله الداعيةِ آياتُه إلى رفض الدنيا والتقلل منها والاستعداد للرحيل، والمسليةِ النفوسَ عن زينتها وغُروراها، المذكرة الآخِرةَ ونعيمها وجحيمها، فلا شك أن فيها أكبر عون على الثبات على طاعة الله، فإن أضيف إليها الصبر عن المعاصي وضغط الشهوات كان العون من الله أكبر.
وفي ذلك أحاديث من السنة العطرة:
الحديث الأول: في مسند الإمام أحمد وصحيح أبي داود بسند حسن عن حذيفة قال: [كان رسول الله - ﷺ - إذا حَزَبَهُ أم صَلّى] (١).
وفي لفظ: [فزع إلى الصلاة].
الحديث الثاني: في سنن أبي داود عن حذيفة قال: [رجعت إلى النبي - ﷺ - ليلة الأحزاب، وهو مشتمل في شملة يُصَلِّي، وكان إذا حزبه أمرٌ صلى] (٢).
الحديث الثالث: في مسند أحمد وصحيح ابن حبان بسند حسن عن علي رضي الله عنه يقول: [لقد رأيتنا ليلة بدر وما فينا إلا نائم، غير رسول الله - ﷺ - يصلي ويدعو حتى أصبح] (٣).
وأما الآثار فكثيرة، منها:
١ - يروي ابن جرير بسنده إلى عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه: (أن ابنَ عباس نُعِيَ إليه أخوه قُثَم، وهو في سفر، فاسترجع. ثم تنخّى عن الطريق، فأناخ فصلّى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾).
٢ - وجاء في سير أعلام النبلاء عن وَهْب بن منبه أن عيسى عليه السلام قال للحواريين: (أشدُّكم جزعًا على المصيبة، أشدّكم حُبًّا للدنيا).

(١) حديث حسن. انظر صحيح الجامع (٤٥٧٩)، وتفسير ابن جرير (٨٥٠)، ومسند أحمد (٥/ ٣٨٨)، واللفظ بعده أخرجه الطبري - حديث رقم - (٨٤٩).
(٢) حسن لغيره. أخرجه أبو داود في السنن (١٣١٩). وانظر صحيح سنن أبي داود (١١٧١).
(٣) حديث حسن. أخرجه أحمد في المسند (١/ ١٢٥)، وابن حبان (٢٢٥٧)، وغيرهما.


الصفحة التالية
Icon