٣ - عن أبي العالية قال: (إن فرعون ملكهم أربع مئة سنة، فقالت الكهنة إنه سيولد العامَ بمصر غلامٌ يكون هلاكُكَ على يديه. فبعث في أهل مصر نساءً قوابل، فإذا ولدت امرأة غلامًا، أتي به فرعون فقتله، ويستحيي الجواري).
وفي رواية ابن إسحاق: (فقال لهن: لا يسقطن على أيديكن غلام من بني إسرائيل إلا قَتَلتُنَّه. فكن يفعلن ذلك. وكان يذبحُ مَنْ فوق ذلك من الغلمان، ويأمر بالحبالى فيعذَّبن حتى يطرحنَ ما في بطونهن).
٤ - عن مجاهد قال: (لقد ذُكِرَ لي أنه كان ليأمُرُ بالقصب فَيُشَقّ حتى يُجعل أمثال الشِّفار، ثم يُصَفُّ بعضه إلى بعض، ثم يأتي بالحبالى من بني إسرائيل فيوقفهنّ عليه، فيحزّ أقدامهن. حتى إن المرأة منهن لتمصَع بولَدها فيقع من بين رجليها، فتظل تطؤه تتّقي به حدَّ القصب عن رجلها، لِما بلغ من جَهدِها، حتى أسرف في ذلك وكاد يُفنيهم. فقيل له: أفنيت الناس وقطعت النسل! وإنهم خَوَلك وعُمَّالك! فأمر أن يُقتل الغلمانُ عامًا ويُستحيوا عامًا. فوُلد هارون في السنة التي يُسْتَحْيا فيها الغلمان، وولد موسى في السنة التي فيها يقتلون).
وقوله: ﴿وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾.
أي: نعمة من ربكم كبيرة أعقبت الاختبار والمحنة.
قال ابن عباس: (نعمة). وقال السدي: (أما البلاء فالنعمة). وقال مجاهد: (نعمة من ربكم عظيمة). وقال ابن جريج: (نعمة عظيمة).
قال ابن جرير: (يعني: وفي الذي فعلنا بكم، من إنجائناكم -مما كنتم فيه من عذاب آل فرعون إياكم- على ما وصفتُ - بلاءٌ لكم من ربكم عظيم. قال: وأصل "البلاء" - في كلام العرب - الاختبار والامتحان، ثم يستعمل في الخير والشر. لأن الامتحانَ والاختبارَ قد يكون بالخير كما يكون بالشر، كما قال ربنا جل ثناؤه: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الأعراف: ١٦٨]. يقول: اختبرناهم، وكما قال جل ذكره: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: ٣٥] ثم تسمي العرب الخيرَ "بلاءً" والشر "بلاءً". قال: غير أن الأكثر في الشر أن يقال: "بلوته أبلوهُ بلاءً"، وفي الخير: "أبليْتُهُ أبْلِيه إبلاءً وبلاءً"، ومن ذلك قول زهير بن أبي سلمى:



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
جزى الله بالإحسان ما فَعَلا بِكمْ وأبلاهُما خَيْرَ البلاء الذي يَبْلو