٢ - قال مجاهد: (الكتاب هو الفُرقان، فرق بين الحق والباطل).
٣ - قال ابن عباس: (الفرقان جماع اسم التوراة والإنجيل والزبور والفُرقان).
٤ - قال ابن زيد: (أما "الفرقان" الذي قال الله جل وعز: ﴿يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ﴾ [الأنفال: ٤١]، فذلك يومُ بدر، يومَ فَرَق الله بين الحق والباطل، والقضاءُ الذي فرق بين الحق والباطل. قال: فكذلك أعطى الله موسى الفرقان، فرق الله بينهم، وسلَّمه وأنجاه، فَرَق بينهم بالنصر. فكما جعل الله ذلك بين محمد - ﷺ - وبين المشركين، فكذلك جعله بين موسى وفرعون). وقال: (الفرقان انفراق البحر له حتى صارَ فِرَقًا فعبروا).
٥ - وقيل: (الفرقان الفرج من الكرب، لأنهم كانوا مستعبدين مع القبط، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا﴾ أي: فرجًا ومخرجًا. ذكره القرطبي.
٦ - وقيل: (إنه الحجة والبيان) قاله ابن بحر.
قلت: وتوجيه الآية إلى التوراة وما نعتت به من الفصل بين الحق والباطل أقرب للسياق وأنسب، وهو اختيار شيخ المفسرين ابن جرير، والحافظ ابن كثير.
وقوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾.
يعني: لكي تهتدوا بها - أي التوراة - وتمتثلوا الحق الذي جاء فيها، فقد جعلها الله كذلك هدى لمن اهتدى بها واتبع ما فيها.
٥٤. قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَال مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤)﴾.
في هذه الآية: ما زال الخطاب لبني إسرائيل: واذكروا أيضًا قول موسى لقومه - حين ظلموا أنفسهم باتخاذهم العجل ربّا بعد فراق موسى إياهم - يأمرهم بالمراجعة من ذنبهم، والإنابة إلى الله من ردّتهم، والتوبة إليه سبحانه مما ركبوه بقتل أنفسهم.
وقد استجاب القوم وقاموا بما أُمروا. فإلى تفصيل ذلك من أقوال أهل التفسير:
١ - عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الرحمن أنه قال في هذه الآية: {فَاقْتُلُوا


الصفحة التالية