وقوله: ﴿فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ﴾.
قال قتادة: (ماتوا). وقال الربيع: (سمعوا صوتًا فصعِقوا، يقول: فماتوا). وقال السدي: (والصاعقة نار). وقال ابن إسحاق: (أخذتهم الرجفة، وهي الصاعقة، فماتوا جميعًا).
وقوله: ﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾.
قال عُرْوة بن رُويم: (صعق بعضهم وبعضٌ ينظرون، ثم بُعِث هؤلاء وصُعِقَ هؤلاء). وقال السدي. (﴿فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ﴾ فماتوا، فقام موسى يبكي ويدعو الله، ويقول: ربِّ، ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم ﴿لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا﴾ [الأعراف: ١٥٥]، فأوحى الله إلى موسى أن هؤلاء السبعين ممن اتخذ العجل، ثم إن الله أحياهم فقاموا وعاشوا رجلًا رجلًا، ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون؟ قال: فذلك قوله تعالى: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
وقال الربيع بن أنس: (كان موتهم عقوبة لهم، فبعثوا من بعد الموت ليستوفوا آجالهم).
وقوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
قال القرطبي: (ما فعل بكم من البعث بعد الموت).
وأما سبب قيلهم لموسى ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ فهناك قولان ذكرهما شيخ المفسرين ابن جرير رحمه الله، ونقلهما عنه الحافظ ابن كثير.
القول الأول: عن محمد بن إسحاق قال: (لما رجع موسى إلى قومه فرأى ما هم عليه من عبادة العجل، وقال لأخيه وللسامري ما قال، وحرَّق العجل وذراه في اليم، اختار موسى منهم سبعين رجلًا الخَيِّر فالخَيِّر، وقال: انطلقوا إلى الله عز وجل وتوبوا إليه مما صنعتم، وسَلُوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم، صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم. فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقَّتَه له ربه، وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعِلْم، فقال له السبعون، فيما ذكر لي حين صنعوا ما أمرهم به، وخرجوا للقاء الله، قالوا: يا موسى، اطلب لنا إلى ربك نسمع كلام ربنا، فقال: أفعل. فلما دنا موسى من الجبل، وقع عليه الغمام حتى تَغَشَّى الجبل كله، ودنا موسى فدخل فيه،


الصفحة التالية
Icon