فقال رسول الله - ﷺ -: الكمأة من المنّ، وماؤها شفاء للعين، والعجوة من الجنة، وفيها شفاء من السُّم] (١).
وأما السلوى فهو طائر يشبه السُّمَاني، كانوا يأكلون منه. وأقوال المفسرين في ذلك متقاربة:
١ - عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة: (السلوى طائر يشبه السُّمّاني).
وعن السدي قال: (كان طيرًا أكبرَ من السُّمّاني).
٢ - عن قتادة قال: (السلوى طائر كانت تحشُرها عليهم الريح الجنوبَ).
٣ - عن مجاهد قال: (السلوى طائر). وقال ابن عطية: (السلوى طير بإجماع المفسرين).
٤ - عن ابن وهب قال: (طير سمين مثلُ الحَمام).
٥ - عن عامر الشعبي قال: (السلوى السُّماني). وعن الضحاك: (السماني هو السلوى).
وأما سبب تظليل الله الغمام وإنزاله المنَّ والسلوى على هؤلاء القوم ففيه أكثر من تأويل:
التأويل الأول: عن السدي قال: (لما تاب الله على قوم موسى، وأحيَا السبعين الذين اختارهم موسى بعدما أماتهم، أمرهم الله بالسير إلى أريحا، وهي أرض بيت المقدس. فساروا، حتى إذا كانوا قريبًا منهم، بعث موسى اثني عشر نقيبًا. فكان من أمرهم وأمر الجبَّارين وأمر قوم موسى، ما قد قص الله في كتابه. فقال قوم موسى لموسى: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾. فغضب موسى فدعا عليهم فقال: ﴿رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾. فكانت عَجْلَةً من موسى عَجِلها، فقال الله تعالى: ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ﴾. فلما ضُرب عليهم التِّيه، ندم موسى، وأتاه قومه الذين كانوا معه يطيعونه فقالوا له: ما صنعت بنا يا موسى؟ فلما ندم، أوحى الله إليه: أنْ لا تأسَ على القوم الفاسقين - أي لا تحزنْ على القوم الذين سميتهم فاسقين - فلم يحزن، فقالوا:

(١) حسن بشواهده. أخرجه ابن مردويه كما ذكر ابن كثير في التفسير، وإسناده لا بأس به، وله شاهد عند ابن عدي (٢/ ٣٧٠)، والمتن حسن بشواهده المتقدمة.


الصفحة التالية